القائمة إغلاق

غني لله – الجزء 3 Rich Toward God – Part

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا 

لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

 

العظة مكتوبة 

▪︎ تُقاس النتائج في حياتك بحسب ما خزّنته من الكلمة.

▪︎ خطورة أن تكون غنيًّا لنفسك، وليس لله.

▪︎ الالتزام هو طريقة تفكير.

▪︎ تشخيص الرب يختلف عن تشخيص البشر.

▪︎ قليل من عدم الالتزام كافٍ لتدميرك!

▪︎ أربع عقائد نقولاوية خطيرة:

  • التسيُّب المُبرَّر.
  • عدم الالتزام بعقيده كتابية.
  • الكتاب المقدس ليس هو الحق الوحيد والمُطلَّق.
  • الرب يسوع ليس طريق الخلاص الوحيد!

▪︎ مفهوم “التوبة” الحقيقي.

▪︎ حافظ على جوعك، وتقديرك للكلمة.

▪︎ تُقاس النتائج في حياتك بحسب ما خزّنته من الكلمة:

١ لِيَسْتَجِبْ لَكَ الرَّبُّ فِي يَوْمِ الضِّيقِ. لِيَرْفَعْكَ اسْمُ إِلهِ يَعْقُوبَ. ٢ لِيُرْسِلْ لَكَ عَوْنًا مِنْ قُدْسِهِ، وَمِنْ صِهْيَوْنَ لِيَعْضُدْكَ. ٣ لِيَذْكُرْ كُلَّ تَقْدِمَاتِكَ، وَيَسْتَسْمِنْ مُحْرَقَاتِكَ. سِلاَهْ (فترة تأمل).” (المزامير ٢٠: ١-٣).

 تستند استجابة صلاتك وقت المشكلة (الضيق) على رصيدك المُخزَّن من الكلمة، فهو يقول: لِيَذْكُرْ كُلَّ تَقْدِمَاتِكَ، وَيَسْتَسْمِنْ مُحْرَقَاتِكَ”، والتقدمات تشمل: (انتباهك، رصيد الكلمة عندك، حُبك للرب، …إلخ)

 يُعلّمنا الكتاب المقدس أننا يجب علينا أن نُخزّن الكلمة باكرًا حتى لو لم يكن هناك مشاكل؛ “تَكَلَّمْتُ إِلَيْكِ فِي رَاحَتِكِ.” (إرميا ٢٢: ٢١)، حيث تُقاس النتائج في حياتك بمدى حُبك للرب، ولفِكْره.

 تكلّمت معكم المرة السابقة عن وجوب سُكنَى الكلمة فيكم بغنى، حيث أوضحت أنّ كلمة “بغنى” تأتي في الأصل plousiōs أي تُخزَّن فيك، ويكون مُتوفِرًا لها كل وسائل الراحة.

▪︎ خطورة أن تكون غنيًّا لنفسك، وليس لله:

” ١٣ وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». ١٤ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» ١٥ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». ١٦ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، ١٧ فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ ١٨ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، ١٩ وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! ٢٠ فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ ٢١ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ».” (لوقا ١٢: ١٣-٢١).

 نرى في الشاهد أعلاه أن الرب يسوع لم يتدخّل إلا لو سمح أحدهم بذلك، ولكونهم لم يفعلوا لم يفعل، ومن ثَم تكلّم بشكل عام مُخاطِبًا الجموع، وقال:

“انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ

 جاءت كلمة “حياته” في الأصل اليوناني zōē أي حياة الله، فقيمة الحياة الإلهية لا تُستمَد من مخزونك الأرضي بل السماوي.

“١٧ فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟”

 تأتي في الأصل: “فَكَّر بقلق، وبانتباه لنفسه”، وهنا المشكلة، فهو تغافل عن أن الله هو السبب وراء قدرته على التفكير، والقوة التي وراء إثمار الأرض، حيث هو مَن مَدّ كورته بالحياة لتُثمر.

“عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ. قِنْيَةٌ فَاخِرَةٌ وَحَظٌّ.” (الأمثال ٨: ١٨)

 تعني في العبري أنّ الله قادر على إعطائك كل هذا دون فناء للشيء، فمع الرب يوجد وفرة مادية، لذلك شاهدنا السابق لا يعني أنّ الرب يسوع كان ضدّ الغنى، ولكنه ضّد دوافع القلب الخطأ، ودعني أُريك إجابته شخصيًا على ذلك:

“٢٣ فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» ٢٤ فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!” (مرقس ١٠: ٢٣، ٢٤).

 يدعم ما قاله أيضًا بعد ذلك ما قلته بخصوص أنه مع الرب يوجد وفرة مادية: “فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».” (مرقس ١٠: ٢٧).

“١٨ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي”

 لدى مسمع الراباي، ومُعلمين الشريعة هذا الرجل يرتكب جريمة، حيث إنّ الله حذّر في العهد القديم من الانعزال عنه، وترْكه وقت الوفرة.

“١٩ وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!”

 يعني ذلك في الأصل؛ “أنا مالكُ نفسي، ومُتحكِمٌ في مصيري، وقادر على فِعْل كل شيء”. كان يريد الأكل والراحة والفرح بصورة مُبالَغ فيها كما جاء في اليوناني، وهنا الكارثة، فلدى اليهود عادات منها: ممنوع التكلُّم إلى نفسك مُستقِلًا عن هذا الإله، فهو سبب نفسك الذي فيك، ونرى هذه العادات موَّضحة في مسلسل “the chosen” (ملحوظة: هذا ليس مرجع).

 كان هذا ما قصده الرسول يوحنا بقوله: “تَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ” (١ يوحنا ٢: ١٦)، أي الاعتماد على أمور أرضية لتحقيق أمور روحية.

 افهم هذا، يشرح اليوناني الحدث بالصوت، والصورة، مثلاً في معجزة الخمس أرغفة والسمكتين (متى ١٤: ١٥-٢١) تُصوّر لنا اللغة اليونانية أن السمك والخبز الذي كانا يحمله الطفل كان صغيرًا، حتى إن اللغة صاغتها على أنها أشياء كانت تُحفَظ في الجيب لعمل سندوتش. إن ألقيت نظرة على المعجزة بنفس المُنطلق -بحسب ما جاءت في الأصل- ستجد أنهم ظلوا يأكلوا حتى شبعوا وفاض، وليس كما توقّع البعض أنهم كانوا يأكلوا بحذر.

“٢٠ فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ”

 تُطْلَبُ” جاءت في الأصل بالجمع “سيطلبون” أي الأرواح الشريرة، وليس كما أوضحتها الترجمة على أنها عائده على الله، فهذا تلفيق على الله، وخطأ من الترجمة.

 ما نراه الآن من أُناس بدأوا في مشروع جديد، ويفشلوا خاسرين كل شيء، أو شخص يموت فجأة بعدما كان بصحة جيدة، فهذا كله له مصدر واحد ألا وهو رصيد من التفكير، والسلوك الخاطئ كما في حالتنا التي نشرحها حاليًا، وليس كما يقول الناس إنه بسبب الحسد، أو علميًا من الطبيعي أن يحدث هذا، وما إلى ذلك.

“فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟”

 يقصد بكلمات أخرى: “هل يمكنك التحكم في عمرك، وأنت بعيد عني؟!”، فالكتاب يُعلمنا مبادئ إن سرت بها أُطيل عمري، وأسمعك يا مَن تقول: “هل من الممكن التحكُّم في العمر؟” نعم يمكن، وأنا بالفعل أوضحت ذلك في مقالة مُنفرده تُدعَى “سنين العمر بيدك“.

 دعني أوضّح هذا؛ لم يحدث ذلك معه في ليلة وضحاها، حيث يوجد قانون يُسمَى “الزرع والحصاد”، والبعض يخاف من هذه العبارة، فهو يظن أنه سيحصد أفعاله السابقة الخاطئة، ولكن لا تخف فالروح القدس سيلغي ما حدث إن سرت معه، وسيتبقى بعض الأمور التي لها تبعيات كتسرُّعك في السَفَر أو تغيير بيتك أو ارتباط خاطئ، لا تقلق سيغيّر أيضًا المصير، وهذا المبدأ -الزرع والحصاد- موجود حتى قبل السقوط، لذلك هذا ليس نتيجة الخطية.

 لا تكنز لنفسك، فالسماء تتحرك في صفّ أي شخص يكنز بطريقة صحيحة (للرب) في حياته، قانون “الزرع والحصاد” يعمل في الأمور الإيجابية أيضًا، وليس السلبية فقط.

 

▪︎ الالتزام هو طريقة تفكير:

“يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَمَا يَحِقُّ، لأَنَّ إِيمَانَكُمْ يَنْمُو كَثِيرًا، وَمَحَبَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ جَمِيعًا بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ تَزْدَادُ.” (٢ تسالونيكي ١: ٣).

 تعنى كلمة “ينبغي” كما جاءت في الأصل بأنها “الالتزام، أو المديونية بفِعل الشيء وإن لم يُفعَل يتم المُعاقَبة عليه”، ليس كما هو ظاهر في اللغة العربية على أنها؛ “من المفترض فعل الشيء”.

 يوجد أمثلة اليوم على هذا، حيث ينبغي ردّ السلام على الناس، أو الرد على التليفون، أو تقول: “صباح الخير” وأنت داخل مكان لأول مرة، لِما يا ترى؟ لأنك تَعْلَم تبعيات هذا؛ لئلا يُساء فهمك، بنفس المُنطلَق ينبغي أن يحدث هذا تجاه الرب.

 نرى هذه الأيام مؤمنين يحيون بلا التزام للرب كأن الحياة بلا قوانين، هذه هرطقة! فالحياة لها مبادئ للعيش بها، ليس كما يُقال: “الحياة دي بالبركة بلا مبادئ”، بالطبع هذا مُريحٌ لشريحة كبيرة من الناس، للأسف هذه كارثة! الرب يسوع نفسه يُبغضها.

 هذا جعل الكثير يندمج في العبادة، والتسبيح، ويُقللوا دراسة الكلمة، بالطبع هذا أنتج جيلاً لا يعرف كيف يُصلي، وكيف يُغيّر ظروف حياته، حيث يعبدون في الصباح ومن ثَمّ يتفاوتون في العمل.

 يشعر هؤلاء -واهمين- بالراحة الداخلية، لِما؟ لأنهم يقيسون علاقتهم مع الرب على مشاعرهم، وعدم التجديف عليه مُكتفين بعبادته وفي الحقيقة عندما يحتكون بهذا الإله تؤثر عليهم المسحة التي هي بداخلهم بالفعل -ولكن لا يُكتفَى بذلك- وعندما يُصحَّحوا يكون الردّ: “أنا لم أُجدّف على الرب، أو أنا لم أرتدّ، أو أنت لا تعلم خصوصياتي وماذا أفعل”، حقيقةً هذا يُظهِر أنّ مَن يقول ذلك لا يسلك بالحكمة الإلهية، فنوعية هذه الحكمة “مُذعِنة” أي قابلة للمناقشة، والتصحيح.

 نُلاحظ في الشاهد أعلاه أنّ الرسول بولس كان مُلتزِمًا بأن يشكر الله، حيث إننا مُلتزِمون أيضًا بالعبادة عندما يبدأ التسبيح، والإنصات عندما تُلقَى الكلمة، وأدرسها، وألتزم في أخذ وقتي مع الرب يوميًا.

 “كَمَا يَحِقُّ” أي بطريقة صحيحة، وكما يليق، حيث يوجد أسباب للشكر هنا، فهو يشكر على نمو مَن يرعاهم؛ لأجل الطاقة الإلهية التي تُنميهم.

 يجب أن يكون التزامك كَمَن ترك طعامًا على النار، ومُلتزم أن يُطفئها عندما يُطهَى وإلّا سيحترق، لماذا أعطيك هذه الأمثلة؟ لأن ما تفعله من التزامات هو ناتج عن طريقة تفكير، لذلك ليكن هذا طريقة تفكيرك أمام كلمة الله.

 وَضَّحَ الرب يسوع أنّ الالتزام طريقة تفكير، حيث قال قصة شرحتها في أكثر من سلسلة؛ لدسمها، وأريد توضيح شيء آخر أنه حينما كان يحضر في مكان كان يتّبعه جمعٌ كثيرٌ، كان هناك تابعون حقيقون، وآخرون فقط مشاهدون؛ لكونه مشهورًا، لذلك دعونا نتطرق لهذه القصة:

 “٣٦ وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. ٣٧ وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ ٣٨ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. ٣٩ فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلاً: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». ٤٠ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَا مُعَلِّمُ». ٤١ «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. ٤٢ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» ٤٣ فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ». ٤٤ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. ٤٥ قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. ٤٦ بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. ٤٧ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً». ٤٨ ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». ٤٩ فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». ٥٠ فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ».” (لوقا ٧: ٣٦-٥٠).

“٣٩ فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلاً: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ»”

 نستنتج من هذا أنّ الفريسي دعا الرب يسوع لأجل سُمعته فقط ليس حُبًّا فيه، وحينها نَطَقَ للفريسي أفكاره قائلاً له مثلاً مُجاوِبًا على سؤاله جاعلاً الإجابة تخرج من فمه، ومِن ثَمَّ قال له بكل جرأه:

“أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. ٤٥ قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. ٤٦ بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ.”

 مما يوضّح أنه كان شجاعًا، وليس كما تُصوُّره الأفلام والصور على أنه شخصٌ خانعٌ، ومُنكَّس الرأس، وأنا أنصحك بعدم تعليق هذه الصور. لاحظ أنّ ما قاله في البداية كان طبيعيًا، لكن ما قاله بعدها كان إضافيًا، كان حينها يعني ضمنيًا أن هذه المرأة قدمتْ أكثر مِمّا قَدَمَ الفريسي.

٤٧ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً.”

 أدركت هذه المرأة الغفران الذي كان للرب يسوع، فدخلت بيت الفريسي بجرأة دون خوف على حساب هذا الحُبّ، لذلك إن أدركت هذا الحب ستستطيع التعامل مع الشخصيات الخَشنة التي تُقابلك.

 كان لدى الفريسي خطايا أكثر مِمّا لتلك المرأة، والدليل هو ما قاله مُوجِهًا كلامه للفريسيين: “لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ.” (متى ٢٣: ١٣).

 ركزت في كلام الرب يسوع، فهو لم يوجه كلامه الذي قاله في آية ٤٧ لأحد بعينه، بل قالها بصفة عامة، وأيضًا نرى أنه أكمل كلامه مع المرأة مُتجاهِلاً النقد.

اذْهَبِي بِسَلاَمٍ” تعني مغفورة خطاياكِ، وليس سلام.

 يُظهر لنا هذا المَثل أنّ مَن كان مديونًا أكثر أحب أكثر، لِما؟ لأنه رأى مدى ضخامة الدَين الذي تم إعفائه منه، لذلك هي عملية فكرية، وهذا ما يُحاول إبليس ضربه وهي أفكارك تجاه ما فعله الرب يسوع من أجلك؛ ليُنتج تخفيف لقيمة ما حدث فلا تلتزم للرب!

 لا يقتصر هذا الحب على مَن كان له ماضٍ سيء بل أيضًا على الذين هم عكس ذلك، المُلتزِمون بالذهاب للكنيسة، والمولودون ميلادًا ثانيًا، فليس شرطًا أن تتذكّر ماضيك السيء لتُحب الرب، كما قرأنا منذ قليل ما فعله بولس الرسول عندما شعر بالتزام بالشكر، ليس لتذكُّره لماضيه، بل لرؤيته لرعيته ينمون.

١٧ مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا فِي مَا ِللهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. ١٨ لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ.” (العبرانيين ٢: ١٧، ١٨).

 شعر الرب يسوع بالمديونية بالرغم من أنه غير مديون لأحدٍ، فَمَن يستطيع إدانة الله؟! قدرتنا على التفكير في حد ذاتها هو مصدرها، ومع ذلك التزم اتّجاهنا، لماذا؟ لأجل “الحُبّ”، لذلك فمَن هم بالفعل مؤمنون، وليس لهم ماضٍ سيء، فطريقة اشتعالهم هي تفكيرهم فيما فُعِلَ لأجلهم في عالم الروح من خلال الكلمة، إذًا “غني للرب أي مُلتزِم تجاه”.

 

▪︎ تشخيص الرب يختلف عن تشخيص البشر:

“اُكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ: «هذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ، الْمَاشِي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ.” (رؤيا ٢: ١).

 تأتي كلمة “الْمَاشِي” في اليوناني بمعنى الذي يتمشى داخل وخارج الكنيسة، أي يعلم كل شيء عنها، لذلك من الخطأ القول: “تمشى في وسطنا”. لعلك سمعت هذه العبارة من قَبْل، أو كنت في اجتماعات صلاة يُقال فيها ذلك، لكن هو بالفعل يدري بنا؛ لأجل هذا علينا الالتفات لما يقوله، وليس الصلاة ليلتفت إلينا.

  • كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا:

“٨ وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا: «هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتًا (مؤقتًا) فَعَاشَ: ٩ أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ وَضِيْقَتَكَ وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ. وَتَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ: إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ هُمْ مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ. ١٠ لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ. ١١ مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَلاَ يُؤْذِيهِ الْمَوْتُ الثَّانِي».” (رؤيا ٢: ٨-١١).

 “وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا” لاحظ أنه يخاطب راعي الكنيسة، وليس الشعب.

 “كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ” هذه تحية انتصار لتشجيع شعب هذه الكنيسة التي ذاقت الاضطهادات بكثافة، حيث اُضطهِد يسوع مثلهم، ومات، ولكنه حيٌّ اليوم، فهي مسألة وقت، وينتهي هذا الألم.

 يكشف لنا التاريخ أنه في ذلك الوقت كان هناك “نقابات” كنقابة الأطباء، أو المحاميين هذه الأيام، وهذه الكلمة تعني نظامًا يجتمع فيه مجموعة من الناس، لذلك كانوا ليجتمعوا أو ليتاجروا، كانوا يعملون نقابة لكل صاحب حرفة، فقد كان هناك نظامٌ لكل شيء.

 كانوا يبدءون اجتماعاتهم بعبادات، وأوضاع جسمانية معينة وكلمات وثنيّة، فكان كل مَن يؤمن بالرب يسوع يرفض دخول مثل هذه التجمعات، ويُرفَض هو أيضًا؛ لأجل هذا صار هناك عزل للمسيحيين عن المجتمع في هذه البلدة، فتدهورت مصادر دخلهم، وليس ذلك فقط بل كانوا يُحاصَرون ويُنبَذون.

 تشخيص الرب للوضع كان مُختلفًا؛ “أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ وَضِيْقَتَكَ وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ.”

 لا تعتقد أنّ فقرهم استمر طويلاً، حيث كان الروح القدس يُرسل لهم أشخاص من خارج البلد، أو التجار التي بداخلها ليعطوهم المال، فتاريخ الكنيسة يمتلئ بالمعجزات التي كانت تحدث حينها رغم ذلك الحصار.

 سنلاحظ في سِفْر الرؤيا أنّ عبارة مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ” أتت في أول ثلاث إصحاحات، ومن بداية الإصحاح الرابع نراه يتكلم بصفة عامة، وليس للكنائس لأن الكنيسة ستكون قد اُختِطفت.

  • الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ:

 ١٢ وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ: «هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ السَّيْفُ الْمَاضِي ذُو الْحَدَّيْنِ: ١٣ أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ. ١٤ وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا. ١٥ هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ. ١٦ فَتُبْ وَإِّلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي. ١٧ مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى، وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ، وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ.” (رؤيا ٢: ١٢-١٧).

 نجد في التاريخ أنّ “برغامس” كانت هي مكان اجتماع الإمبراطورية الرومانية وأخذ القرارات، وكان قد وضع إبليس يديه عليها، فبحسب الآبائيات كان كل مَن يستيقظ في الصباح يرى أبخره تصعد في أماكن كثيره حوله بسبب ممارسة العبادات الوثنية، كما كان الذهب يُوضَع على قمم المعابد آنذاك لتسطع عند طلوع الشمس.

 نكتشف أيضًا أنه كان هناك إمبراطور حديث الإيمان بالمسيحية في عهده حدثت حروب لنشر المسيحية بالإكراه، بالتأكيد هذا غير كتابي، ولكن بعدها بثلاث مئة سنة ترك المسيحية وعاد لهذه المدينة ليمارس عباداته الوثنية باستفاضة.

 يتّسم ذلك المكان بأنه كان موضع “الكرسي الشيطاني”، حيث أتت كلمة “كُرْسِيُّ” مُعرَّفة ب “ال”. حرفيًا في عالَم الروح كان إبليس واضعًا كرسيه هناك، فهي كانت المكان الأساسي -وليس الوحيد- لاتّخاذ قراراته، مع ذلك لم يمنع كل هذا الظلام الإيمان بالرب يسوع، حيث استطاع الروح القدس دخول هذا المكان، وجعل الكثير يؤمنون.

  • أَنْتِيبَاسُ:

 اشتهر هذا الرجل بإخراجه للشياطين بكثرة، حيث تم استدعائه ليكف عمّا يفعله، ولأنه رفض قاموا بإدخاله في عجل معدن له قرنان مُشعِلين النار بداخله، فيخرج صراخه والدخان من فتحات بقرون العجل صانعةً أصواتًا قريبة لموسيقى، ومن ثَمّ يهتفون نتيجةً للتضحية التي قدموها “العجل عاد للحياة”، بعد ذلك يأخذون عظامه المُتبقية، ويلونوها مُحتفِلين بإعادة إحياء العجل. لأجل هذه الميتة القاسية جدًا ذَكَرَه الرب يسوع باسمه، فهو يريد القول إنّ هذا الأمر ليس هينًا بالنسبة له.

 ضع في ذهنك أنّ الكنائس التي ذُكِرَتْ في سِفْر الرؤيا لم تَكُن رمزًا لكل كنائس العالم بل كانوا بعض الكنائس الحقيقية التي في آسيا.

“وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ”

 تأتي كلمة “عِنْدِي” في اليوناني بهذا المعنى: “هناك أمرٌ شخصي فرق معي”، أو “يوجد شيءٌ ضدك”. هنا الرب يتكلم عن أمور في الظاهر صغيرة ولكنها تسلّلت لتُسبِّب دمارًا، على سبيل المثال؛ تركيزك ومواردك مُتّجِهة إلى أين، الرب أم شيء آخر؟ نعم أمور تبدو صغيره، ولكنها قادرة على احداث كوارث.

 وَجّهَ الرب يسوع كلامه لراعي الكنيسة لتحذيره من انحراف أُناس من الشعب، كما ينبهه من نمو بذار خاطئة دخلت خلسة في شعبه، وهذا يوضح مدى دراية الرب بأدق تفاصيلنا، فهو يُريد الانقاذ مُبكرًا قبل نمو المشكلة.

 

▪︎ قليل من عدم الالتزام كافٍ لتدميرك:

 دعني أوضح شيئًا هامًا، عليك في بعض الأحيان لمعرفة أصل كلمة في اليوناني أو العبري أن ترجع لعلمي Chronology، و etymology أي علم تاريخ الكلمة، وكيف كانت تُستخدم حينها، وعلم أصل الكلمة.

 لأضرب لك مثلاً جاء شخص ما وقال: “سأبني حائطًا”، وأيضًا هذا الشخص ذاته قال: “سأبني حُلمًا، أو كعكة” هنا سنلاحظ الفرق، لِما؟ لأننا نعلم استخدام كلمة “يبني” وإنه من الممكن أن يختلف معناها من جملة لأخرى، بالطريقة نفسها علينا فِعل ذلك مع اللغة اليونانية أو العبرية، لذلك أحيانًا ما أقوله من تعريف لبعض الكلمات مأخوذ من كيف كانت تستخدمها حينها أي idioms، وأصلها، فأنا لست مُعتمِدًا فقط على القواميس.

  • الأولى: مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ:

 تعني كلمة “تعليم” في الأصل “عقيدة يسير عليها الكل حتى الملك”، فهو يريد القول هنا إنهم أخذوا تعليم بلعام كأنه شيء أساس.

“كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ (فجأةً) مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا”

 نعلم جميعنا قصة بلعام التي جاءت في (عدد ٢٥،٢٤،٢٣) ففي الإصحاح الثالث والعشرين تمّ استدعاءه من قِبَل بالاق ليلعن الشعب، ووُعِدَ بأخذ بيت من الذهب والنحاس. لقد تكلمت في سلسلة “الرب قريب” عن هذه القصة وشرحت معنى الآية التي في الإصحاح الرابع والعشرين: “مَا أَحْسَنَ خِيَامَكَ يَا يَعْقُوبُ، مَسَاكِنَكَ يَا إِسْرَائِيلُ!” (العدد ٢٤: ٥). والتي تعني “كم أنت مُحصَّن يا شعب الله، وغير قابل للاختراق”.

 بحسب تعليم الآبائيات، كان بلعام مُرتَّدًا عن اليهودية، فهو كان نبيًّا في وقت ما ولكنه ارتدّ. كما أنّ بعض المراجع اليهودية تقول إنه كان من البداية مع إبليس، وكان ساحرًا، فهو حثّ بالاق أن يستعمل أسلوب الإغواء مع هذا الشعب، لينحرفوا عن وصايا الله وبالتالي يغضب عليهم، لذلك كان يُطلَق عليه نبيًّا لأنه كان يتنبأ بأحداث ستحدث، لكن وفقًا لقواعد هو يعرفها، فهو كان يقول نبوات يعلم جيدًا كيف ستتم، كمَن رسب في الامتحان نتيجةً لشخص حثّه على عدم المذاكرة.

 “١ وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ، وَابْتَدَأَ الشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ. ٢ فَدَعَوْنَ الشَّعْبَ إِلَى ذَبَائِحِ آلِهَتِهِنَّ، فَأَكَلَ الشَّعْبُ وَسَجَدُوا لآلِهَتِهِنَّ. ٣ وَتَعَلَّقَ إِسْرَائِيلُ بِبَعْلِ فَغُورَ. فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ.” (العدد ٢٥: ١-٣).

 تكشف لنا هذه الأعداد النصيحة التي قالها بلعام لبالاق، حيث كانت نصيحته له أن يتعرى النساء فيغوون الشعب الممنوع من الاختلاط بأي صورة من الصور مع الأمم، ولكن التزامهم اضمحل بالتدريج. ذلك يشبه هذه الأيام؛ يبدأ الشخص بترك دراسة الكلمة تدريجيًّا تحت مُسمَى “دراسة الكلمة للخدام أو للمُتفرِغين”، أو شخص يدرسها فقط ليُنهي خدمته، ومِن ثَمَّ يتركها، ويقل الانضباط بالتدريج حتى الاستباحة في الخطية.

 يتّخذ البعض اتجاه عدم عمل أي ردّ فِعل تجاه الأفكار الخاطئة، حيث يكونون عالمين بأنهم مُنسحِبون في فيديوهات أو السوشيال ميديا ولكنهم مُستمتِعون بذلك، لذلك تكلّم الكتاب عن وجوب “كره الشر” (رومية ١٢: ٩).

 نرى مِمّا تحدّثنا عنه الآن كيف يتمّ خداع الشخص ليترك التزامه، حيث يمرّ بأربع مراحل:

١- انجذب أو أُغوِي. ٢- تخلى عن مبادئه بالتدريج. ٣- استمتع بعدم الالتزام، ولم يقاوم الأفكار. ٤- أفعال غير مُوجَّهة لهذا الإله.

 دعونا نأخذ مبدأً من هذا الحدث السلبي، يجب أنْ تنجذب لهذا الإله من خلال كلماته، أو الوعظات، وبعدها تلتزم بمبادئ، وبعد ذلك تُحبه عن طريق توجيه تفكيرك فيه أي في كلمته عن عمد، ومن ثَمَّ تبدأ في عمل أفعال بناءً على كل ذلك، لذلك عليك أن تختار ضبط قلبك تجاهه، كَمَن يضبط قلبه تجاه كُلية لم يرِد دخولها ولكنه تأقلم عليها، والعكس، أيضًا مَن قضى أربع سنين الجامعة مُستاءً.

 تذكّر يوسف؛ لم يُبالِ بوجوده في السجن أو خارجه، كان يسلك بالروح طوال الوقت.

  • الثانية: مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ:

 Nikolaitēs (Greek(= Nicolaitans (ENGLISH)= “destruction of people”تدمير الناس” “

 مفهوم “النُّقُولاَوِيِّينَ”: هم الذين يكسرون، وينتصرون ويسيطرون. فهم مَن هزموا وسيطروا على مَن تبعوهم من الكنيسة كما حدث مع شعب الله قديمًا. تذكّر أنّ بلعام نصح بالاق أن يخدع الشعب عبر إغوائهم، لأنه استعمل معهم أقوى شيء ألّا وهو السحر ومع ذلك لم يستطع اختراقهم، ولكن اخترقهم من خلال “تخفيف انضباطهم”.

 تأتي كلمة أُبْغِضُهُ” في الأصل miseōأي الكراهية بشده، أو العدوانية، وهذا عكس عبارة “أنا فقط لا أحب هذا الشيء”، فهي أكبر من ذلك؛ لأن الله يكره عدم الالتزام – لضرره الضخم – الذي صار منتشرًا هذه الأيام، فقد نرى أُناس ملتزمين في أشياء، وأخرى لا، ولكن الله يهتم بأقل الأشياء التي تكاد لا تُلاحظ؛ لخطورتها اذا تفاقمت، حيث يُشجع الذين يكرهوها أن يستمروا في ذلك، والذين لا يُعادوها أن يُعادوها.

▪︎ أربعة عقائد نقولاوية خطيرة:

 ما سيجعلك بطلاً روحيًّا وغنيًّا لهذا الإله، هو مُعاداة ما يُعاديه الله! لكن انتبه، الله يكره أعمال الناس الخاطئة وليس الأشخاص أنفسهم، لذلك أنت تُعادي طرق التفكير الخاطئة وليس البشر، والدليل أُنظر لما قاله:

“عِنْدَكَ هذَا: أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا.” (رؤيا ٢: ٦).

 قام هؤلاء بأخذ اتجاه الوسطية في العلاقة مع الله بسبب كثرة الاضطهادات، وهذا أدى إلى ظهور هرطقات خطيرة عن تجسُّد يسوع، وما إلى ذلك.

 لنتطرق إلى أشهر أربع عقائد أساسية -من عشرة أساسيين- عند “النُّقُولاَوِيِّينَ” سنستفيد منهم كثيرًا، وستلاحظ مدى انتشارهم اليوم:

  1. التسيُّب المُبرَّر:

 كان أحد عقائدهم أنه “لا يجب أن نضغط على الناس لينفصلوا تمامًا عن العالم”، هذا عكس ما عَلَّمه الرُسل الذين تبقى منهم يوحنا الذي يكتب هذا السِفر، فهم كانوا يُشددون على عدم الاختلاط بالعالم تحت أي ظرف، حيث كان هناك ما يُسمَى بـ “الحمامات العامة” التي كان يحدث فيها زنا، فهذه طباعهم الموروثة من العصر اليوناني الذي كان قبل الروماني حتى.

 حَرَّضَ الفِكْر النقولاوي المؤمنين على تبرير اختلاطهم بالغرباء تحت عبارات نسمعها اليوم بصور مختلفة، وفي مجالات عديده كالآتي: “هؤلاء الناس ليسوا سيئين لهذه الدرجة، أو هذه الأغنية ليست بها كلمات سيئة، أو هذ اللعبة ليست مُضِرّة…إلخ”، وأنت لا تعلم أنك مسحوب مع فِكرة “تبرير الخطأ”.

 نسمع أيضًا الآن عبارات فحواها أن متابعة الأخبار بدقة ستُعلمني بما هو حادث، وما على وشك الحدوث؛ لكي أأخذ قرارات صحيحة، وهذه العبارات تُصيب الذي بدأ للتو في النمو روحيًا بالإحباط لأنه حينها سيرى أن دراسة الكلمة بلا قيمة.

 جلست أحد المرات مع شخص أشاركه بأنني كنت في يوم من الأيام حزينًا جدًا لأنني لا أعرف هذا الإله، حتى وصل بي الحال أنني كنت أقول لله إنني لا أستطيع أن أحيا دون أن أعرفك، وبعدها قال لي: “الموضوع لا يستحق كل هذا! أنت تبالغ!”، هذه هي العبارات التخفيفية الخطيرة التي تُحبط الشخص الذي يحاول معرفة هذا الإله.

  1. عدم الالتزام بعقيده كتابية:

 نرى اليوم انتشار العبارات الآتية: “كل ما في الكتاب هو قصص، ولا يجب أخذ مبادئ ثابته منها، فهي فقط أمثلة لأنه قد تختلف بعض المبادئ من قصة لأخرى” أو “ليس عليك دراسة الكتاب المقدس أو سماع وعظات ومقالات، يكفي أن تُحبه”، والبعض يقولون: “كلمة الله لا تستطيع أن تحكم بها على الآخرين؛ لأن الله لا يدين أحدًا”.

 نعم لا يدين الله أحدًا، ولكنه يدين جسده أي المؤمنين داخل الكنيسة لتنقيتهم، بالطبع هذه ليست الدينونة أو الضيقة العظيمة، ولكن للحد من زيادة الخطأ داخل الكنيسة.

 ستلاحظ شيئًا هامًا في كل هذه العبارات أنه يتمّ رفض مبادئ الكلمة، ولكن بدون قول “لا!” كيف؟ عن طريق تخفيف ما يُقال، فالله نفسه تكلّم عن الطريقة التي بها تُحبه:

“٢١ اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي»… ٢٣ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. ٢٤ اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي. وَالْكَلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.” (يوحنا ١٤: ٢١، ٢٣، ٢٤).

“فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً.” (١ يوحنا ٥: ٣).

 يجب أن تنتبه من أي شخص لا يسير بالمبادئ الكتابية كنت في علاقة معه حتى لو قاطعته منذ سنوات لأن آثاره من الممكن أن تكون مازالت موجودة. عندما تشترك مع شخص في خطية ما فأنت حينها تشرب من روحه.

 ظهرت هرطقة هذه الأيام ألّا وهي “عدم الانتماء لجسد”، قائلين: “الله في كل مكان، ولا داعي لحضور اجتماعات”، أو “يجب أن تصير اجتماعيًا مُنفتِحًا على كل الناس”، وتم استبدال الكنيسة بالسوشيال ميديا، والاجتماعيات.

  1. الكتاب المقدس ليس هو الحق الوحيد والمُطَلق:

 أسمع هذه العبارة كثيرًا من مُروِّجين هذه الفِكْرة، وللأسف هذه هرطقة، فالحق الكتابي حقٌّ مُطلَقٌ، وغير ذلك فهو من الشرير! لأنه حقٌّ موحَى به من الروح القدس، وأُثبِتَ بموت وقيامة الرب يسوع -الذي له إثباتٌ تاريخيٌّ وعلميٌّ- ونرى تأثيره الآن في حياة مَن يُحبون السير معه.

 يُجادل أصحاب هذه المقولة عن كيف يمكن للكتاب المقدس أن يجعلني أأخذ قرارًا في أمر ما كإيجاد عمل أو اختيار شريك الحياة أو حتى السفر مثلاً، لذلك يلجأون لخوض الحياة بأنفسهم، ويُنَحّوا الكتاب جانبًا، في حين تُعطينا كلمة الله الإجابة على كل هذا، ولكن لعدم وجود آية صريحة تختص بالأمر تم اختيار التخلي عن مساعدته، أو إخلاء مسئوليته من بعض جوانب الحياة.

 يقع هؤلاء في تعاليم سامة -نتيجة لنفورهم من الكتاب المقدس- تدعو لمحبة الله دون معرفة كلمته، فالمعلمين يفعلون ذلك تحت مُبرِّر لئلا يذهب الناس للعالم ويبتعدوا عن الله.

  1. الرب يسوع ليس طريق الخلاص الوحيد:

 يقول البعض الآن: “كل مَن يقول يارب يخلص”، أو “كلٌ منا لديه قطعه من الحق، ولا يمتلك أحدٌ الحق الكامل”، حيث ينفر البعض الذين منهم مُعلِمي الكلمة من فكرة “الحق الكامل”، فهذا ما كان يُردده النقولاويون.

 تُعلّمنا كلمة الله أنه يجب ألّا نُقاد بكل ريح تعليم مُضِلّ، وأن نعرف الحق الكامل من خلال “مواهب الخدمة الخمس” أي من رجال الله معلمي الكلمة كما جاء في (أفسس ٤: ١١-١٦)، فهؤلاء يعملون على تنضيج المؤمنين؛ لكي لا يُحمَلوا بتعاليم خاطئة، ويصلوا لقامة ملء المسيح، وإجابات كاملة على أسئلتهم، وهنا على الأرض ليس في السماء لأنه لا يوجد ريحُ تعليم في السماء.

▪︎ مفهوم “التوبة” الحقيقي:

“١٦ فَتُبْ وَإِّلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي.”

 أتت في اليوناني metanoeōوالتي تعني تغيير الأفكار، وتصحيح اتّجاهها، وليس لها علاقة بالمشاعر سواء ندم أو حسرة، وإن وجدت قاموس يوناني يُفسرها عكس ذلك، فهذا ما إلا مُجاراة لأفكار الناس، وإهمال روح الكتاب.

 يوجد أمور يفعلها الرب يسوع هنا على الأرض، لاحظ قوله: “أُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي (الكلمة)هذا قبل الضيقة، فكل مَن يسير عكس الكلمة يضع نفسه تحت سيفها أي تحت لعنة، وبالطبع هذا على حسب وضعية الشخص من حيث الاستمرار في التسيُّب.

 يوجد أشياء شخصية بينك وبين الرب، هناك أمور دخلت خلسة فصلت العلاقة بين المؤمنين والله، حيث نرى اليوم أشخاصًا يتركون الكنيسة لأقل الأسباب، أو مَن يقول: “لقد صليت ولم يحدث شيءٌ إذًا سأترك الرب لأنني أعطيته الفرصة ولم يفعل!”، هذه هي الحرب التي تستحق التفكير فيها “التفاوض في الانضباط”.

 لنرجع للخلف، لآدم وحواء اللذان إذا انتصرا في الحرب الفكريّة مع إبليس، لما حدثت الحروب الأرضية، فنتائج الخسارة في الحرب الفكرية أضخم.

 لا تكُن مُرفَّهًا وغير مُنضبِطٍ في حبك للرب، لا تؤجل دراسة الكلمة أو الصلاة لنهاية اليوم. سيأتي الليل، ومِن ثَمَّ لا تفعل شيئًا، فما العلاج لهذا التكاسل إذًا؟ الحل هو أن تكره هذا الفِكْر النقولاوي التخفيفي.

“وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ.” (١تيموثاوس ٤: ١).

 جاء لفظ “يَرْتَدُّ” في الأصل بمعنى “ينحرف تدريجيًا”، وليس بصورة مُفاجِئة، لذلك مَن يسعَى حقًا لدراسة الكلمة، ولكن يُعاني من عدم وجود وقت، أو يستيقظ متأخرًا نتيجة لامتلاء جدوله اليومي، عليه أن يُشغل الوعظات في المواصلات عندما يذهب للعمل أو في السيارة، فليس شرطًا أن تدرس الكلمة على مكتبك فقط، هذا ليس بديلاً لقعدتك أمام الرب لدراسة الكتاب والصلاة في مخدعك التي لا غنى عنها.

 وجدت بعض ممن جلست لأتحدث معهم يرفضون استخدام باقة الإنترنت لسماع الوعظات على الرغم من أنهم يستهلكون أضعافها في أمور أخرى، لذلك استعمل مواردك للرب.

 أتعلم أننا مُغترِبين عن الرب جسديًا فقط، وليس كما تظن أننا في العالم مُتغربين عنه إلى أن نلقاه! وعندما نلتقي لن نُفاجَأ به كشخص غريب بل سنعرفه بدرجة معرفتك به أثناء وجودك على الأرض. لأجل هذا اجعل حبك له شديدًا، وارفض التخفيف والتسيُّب. انظر لنفسك أنك تستطيع القيام باكرًا كل صباح، وأنت مُفعَّمٌ بالنشاط، وستُذهَل أنك كنت تستطيع ذلك من قبل، ولكنك لم تكن تعرف الطريقة.

 ستجد الروح القدس بدأ يتكلم معك، ويذكّرك بأنك كنت قادرًا على الاستيقاظ باكرًا لإنجاز أمور مهمة بالنسبة لك، ألّا يستحق الرب أن تُعطيه نفس هذا المجال من التفكير المُوجَّه الذي بدوره سيعمل على اشتعالك روحيًا.

 تذكَّر، النقولاويون هم مَن أحبطوا الكنيسة من خلال مبادئ خاطئة، لذا لا تحتقر الكنيسة أو قادتها، فأنت بالطبع لاحظت قول الرب: “وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ” أي القائد، فهذا المُوكَّل من الرب. عدم سماع كلام الراعي يساوي عدم سماع كلام الرب يسوع نفسه!

 أراد إبليس على مرّ الزمن جعْل الكنيسة مُسطَّحة وليست هرمية، حيث لا يوجد قيادة للكنيسة تحت عبارات تبدو مستقيمة. أتذْكُرْ ما قاله الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس:

“مِنْ أَجْلِ هذَا تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ، وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخًا (رعاةً) كَمَا أَوْصَيْتُكَ.” (تيطس ٥:١).

 لا تدع أحد يخدعك بقوله إن هذا كان فقط في بداية الكنيسة، هذا غير صحيح فالنظام الهرمي ظل موجودًا بعدها في عصر الآبائيات.

 

▪︎ حافظ على جوعك، وتقديرك للكلمة:

“١ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ الْبَيْتُ الَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ ٢ وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي.” (إشعياء ٦٦: ١، ٢).

 يُقصَد بـ “الْمِسْكِينِ” المُتضِع بحق، الجائع للمعرفة، أما “الْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ” أي مَن يختار أن يكون طفلاً أمام الله لاغيًا أي خبرات أو دراسات سابقة مُركِّزًا فقط على الكلمة. و “الْمُرْتَعِد” تعني مَن يُعطي هيبة للكلمة جاعلًا الكلمة تهزّه داخليًا. فحُبك ليسوع يعني تقديرك له، إن عشت بهذا حتى أولادك سيرثون هذا منك.

 لن أنسى الصور التي كنت أراها في عائلتي -بالأخص أبي- عندما كنت أكون معه في السيارة، كنت أراه يرفع صوته في الترنيم، أليس هذا الإله بمستحق أن ترفع صوتك له، كما ترفعه في مناقشة، أو أثناء مشاهدة مباراة كرة قدم! أتعلم أن إطلاق صوتك هو بمثابة إطلاق لروحك، فبهذا تُخرج قوة الكلمة (الله) في الموقف.

 أخرج الرب يسوع الشياطين بطريقتين أحدهما باللمس، والأخرى بإطلاق روحه أي صوته، لذلك وقت العبادة هو وقت ترفع فيه صوتك، فهذا هو التدريب الذي تتلقاه في الكنيسة لتسلك به في حياتك اليومية.

 فهمت الآن الطريقة التي بها تشتعل لهذا الإله، وتُطلق صوتك ألا وهي عن طريق شحن تفكيرك بكلمته، لأجل هذا لا تنتظر كلمة خاصة لظروفك، فما أقوله الآن هو الخاص بظروفك، والحل لها.

 كُن سريعَ التجاوب مع التعليمات التي يقولها مَن يرعاك روحيًا. لا تتوقّع أن الحياة عبارة عن “صعود وهبوط”، أنا لا يهمني ما كان يحدث في العهد القديم من سقطات، فبعد دراستي للعهد الجديد وجدت أن الكتاب يتكلّم عن مستوى ينعدم فيه السقوط، واكتشفت أن سبب انتشار هرطقة “الضعف الروحي” كان بسبب خدام يُعلموا الناس خبراتهم، وليس الكلمة.

 يوجد ضعف إيمان نتيجة عدم فهم الكلمة، ولا يوجد شيء اسمه ضعف روحي، لذلك حل ضعف إيمانك هو أن تفهم الكلمة، ولا تخف، فالروح القدس مسئول عن تفهيمك إياها.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$