لمشاهدة العظة علي الفيس بوك اضغط هنا
لسماع العظة علي الساوند كلاود اضغط هنا
لمشاهدة العظة علي اليوتيوب
ثق لا تتزعزع – الجزء 3
▪︎ اثبتْ ولا تتزعزع ضد هجمات إبليس المتنوعة.
▪︎ كيف تسلك بإيمان فَعَّال.
▪︎ اطرحْ كل ثقل يعوق فعالية إيمانك.
▪︎ ضرورة تصحيح الشخصية.
- أخيتوفل ضحية المرارة.
- فَهْم أوسع لمعنى “التصحيح في الشخصية”.
▪︎ اقبل تصحيح الرب كابن محبوب.
▪︎ التدريبات وعلاقتها بالثبات.
- اثبتْ ولا تتزعزع ضدّ هجمات إبليس المتنوعة:
يقول لك الروح القدس: “ثِقْ لا تتزعزع” مهما كان ما تَمُرْ به، فأنت لا تتمسّك بشيء هشٍّ، فالأمر يرتبط بمَن هو شخص الرب الذي تثق به وليس بالموقف.
“٢٣ هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. ٢٤ اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. ٢٥ لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. ٢٦ لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. ٢٧ لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. ٢٨ عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُورًا مَعَ وَجْهِكَ.” (أعمال الرسل ٢: ٢٣-٢٨).
“٢٤…إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ.” على الرغم من أن الرب يسوع مات ثلاث أنواع موت (روحيًّا، جسديًّا، أبديًّا) إلّا أن الموت لم يستطع الإمساك به، لا يمكن للمشكلة أو المرض أو الظروف أن تمسكك! لا تَزعزُع للشخص المُدرِك لحضور الله؛ “لأنَّهُ عَنْ يَمِينِي لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ”.
“أَوْجَاعَ الْمَوْتِ” والتي تعني “عذابات الموت”، حيث ذُكر نفس ذلك اللفظ لوصف العذاب الذي تَعرَّضَ له الغني في قصة “الغني ولعازر” المذكورة في (لوقا ١٦: ٢٣، ٢٤) فالعذاب المقصود هنا هو عذاب الموت الروحي، وليس عذاب ما قبل الموت الجسدي للرب يسوع.
“١ ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، ٢ أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ.” (٢ تسالونيكي ٢: ١، ٢).
يُهاجم إبليس بثلاث طُرق (مصادر التَزعزُع):
- “بِرُوحٍ”: أرواح شريرة تهجم على ذهنك مباشرةً، أو ينقلوا إليك الخوف من خلال أشخاص تتواصل معهم (عدوى).
- “بِكَلِمَةٍ”: معلومات أو خبر أو تقرير له مصداقية عندك.
- “بِرِسَالَةٍ”: تعليم غير كتابي.
“٣٥ فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ (نتيجة) عَظِيمَةٌ. ٣٦ لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ. ٣٧ لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا «سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ. ٣٨ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي». ٣٩ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ.” (العبرانيين ١٠: ٣٥-٣٩).
“٣٨ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا” أي الذي قَبِلَ الرب يسوع بالإيمان سيُكمِّل بنفس النمط باقي حياته، فعدم السلوك بالإيمان هو ارتداد! كما يقول الكتاب: “وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي”. نجد في الإصحاح الحادي عشر أنه تَطرَّقَ لسَرد بطولات أبطال الإيمان، وهذا الأمر ينطبق علينا أيضًا، حيث يتمّ تسجيل انتصاراتنا التي ربحناها بالإيمان.
“٣٣ الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ…. ٣٩ فَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، ٤٠ إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا.” (العبرانيين ١١: ٣٣، ٣٩، ٤٠).
“…لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا” مؤمنو العهد القديم كانوا يحتاجون إلينا لتتميم الموعد، فنحن كنا ننقُصهم! لك أن تتخيَّل هذا!
- “مواعيد”: يُقصَد بها حقوقهم في المسيح.
- “الموعد”: مدينة الله صهيون المقيمون نحن فيها الآن.
“٢٢ بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، ٢٣ وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، ٢٤ وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ. ٢٥ اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا (تتراجعوا) مِنَ الْمُتَكَلِّمِ (عن تلك الحفلة الضخمة). لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ!” (العبرانيين ١٢: ٢٢-٢٥).
حُقِّقَ الوعد الآن وصرنا في مدينة الله التي كان يَصعُب على مُؤمني العهد القديم دخولها بسبب عدم تتميم خلاص يسوع بعد.
- كيف تسلك بإيمان فَعَّال:
سأكمل النقاط التي شرحت بعضها المرات السابقة في الإصحاح الثاني عشر من الرسالة إلى العبرانيين التي تُوضِّح كيف يسلك الشخص بإيمان فَعَّال دون التَحيُّر فيما إن كان إيمانه سيأتي بنتائج أم لا، فالكثير يتعامل مع موضوع الإيمان على أنه يمكن أن يكون هناك احتمالية فشل.
«ردود أفعالك ستُحدِّد نهاية الموقف الذي تواجهه»
“«وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟” (لوقا ٦: ٤٦).
يتساءل هنا الرب يسوع مُتعجِّبًا من أُناسٍ أعطوه السيادة على حياتهم ولكنهم لا يعملون ما يقوله، فلا ننسى أنّ عبارة “يسوع هو ربٌّ على حياتي” تساوي عمل ما يقوله وإلّا فهو ليس كذلك! تَذكَّرْ معي ما قُلته في سلسلة “مخافة الرب هي حياتك“ حيث نَوَّهت عن أمرٍ هامٍ جدًا: “يجب أن نتعامل مع الكلمة (الكتاب المقدس) على إنها كلمة الله شخصيًا“.
يُذكِّرني ذلك بموقف حدث معي منذ زمن، حيث كنت واقِفًا ذات مرة مع أحد الأشخاص وكنت على وشك أن أتلفَّظ بكلمات ساخرة عليه، لكن وجدت حينها الروح القدس يقول لي: “أين أنت؟” فجاوبته بتعجبٍ: “أنا هنا!” فحدّد سؤاله قائلًا: “أين تجلس؟” فحينها أدركت ما كان يريدني الالتفات إليه ألا وهي حقيقة أنني جالسٌ في السماويات بجانب الرب يسوع رسميًا! فقبلًا كانت تلك المعلومة نظرية لكن الآن فهمت أنها حقيقة يجب إدراكها طوال الوقت.
أكمل حينها قائلًا: “هل يصح أن تتكلم هكذا أمام الرب يسوع؟!” فجاوبته: “بالطبع لا!” حينها ردَّ عليَّ قائلًا: “إذا فلتعِش السماء على الأرض ولا تظن أنك في مكان غير الذي أنت فيه بالفعل!”. بدأت حينها أُدرِك أنني لست بحاجة لأشعر بشيء معين لأدرك أنني في المسيح فأنا بالفِعْل فيه! يوجد هيبة للناس وهيبة للرب يسوع، فإن سمعت خبرًا سلبيًّا كيف سيكون رَدّ فِعْلك وأنت في ومع الذي به ومِنه وله كل الأشياء.
“٤٧ كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ. ٤٨ يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. ٤٩ وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ، فَيُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ، فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً، وَكَانَ خَرَابُ ذلِكَ الْبَيْتِ عَظِيمًا!».” (لوقا ٦: ٤٧-٤٩).
ينسى الناس الأساس المُرتكَز عليه أي مبنى مُستقِر، فَهُم يرون الاستقرار الظاهِر ولا يرون الأساس المَخفي. عندما قال: “بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ” لم يكن يتكلَّم عن نوع التربة لكنه يُعني أنه تمّ البناء دون حَفْر أساس، فأي مَبنى مُستقِّرٌ ينبغي أن يكون له أساسٌ أي تلك الحُفرة التي تُصنَع قبل البناء.
“فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً، وَكَانَ خَرَابُ ذلِكَ الْبَيْتِ عَظِيمًا!”، الآن اربطها بتلك الآية “أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا.” (٢ تسالونيكي ٢: ٢).
«سِرّ استقرارك هو في حَفْر أساسك جيدًا»
“سِنٌّ مَهْتُومَةٌ وَرِجْلٌ مُخَلَّعَةٌ، الثِّقَةُ بِالْخَائِنِ فِي يَوْمِ الضِّيقِ.” (الأمثال ٢٥: ١٩).
وثوقك بشخص خائن هو بمثابة الاعتماد على سِن مكسورة من جذرها في الأكل فبالتأكيد لن تقوم بوظيفتها وستنكسر تمامًا، أو الاعتماد على رِجْلّ مخلوعة في المشي. لا ينطبق هذا على مَن يثقون في الرب الذين عرفوا شخصيته من خلال إعطاء الكلمة قيمة عالية، فمعرفة شخصية الرب تحتاج إلى استنارة، حيث إن هناك فرقًا بين التواكل والقدريَّة.
أيضًا كما يقولونها الناس بلغة دارِجة: “أنا هثق في الرب ويا صابت يا خابت”، لا تكن مِن بين هؤلاء بل ثِقْ فيه نتيجة استنارتك في تلك الحقيقة: “إنه إلهٌ لن يَغدُّر بك أبدًا ولن يتغيَّر معك إطلاقًا”.
يُردِّد الكثيرون عبارة “أنا واثق في الرب” ولكن قليلين هُمْ مَن يُعنونها حقًا، حيث إن تشريح تلك العبارة يساوي أنك تَمسَّكت بما يقوله الله مُتجاهِلًا أي أفكار أو عيان مضاد وصارت هناك صورة واحدة هي فقط مَن تنظر إليها طوال والوقت فصرت لا تسمع ولا ترى غيرها وبالمناسبة هذا معنى أن يكون الرب يسوع ربًّا على حياتك أي أفكاره صارت أفكارك.
- اطرحْ كل ثقل يعوق فعالية إيمانك:
“١ لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، ٢ نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. ٣ فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ. ٤ لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ، ٥ وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ.” (العبرانيين ١٢: ١-٥).
“١ نَحْنُ أَيْضًا” برجوعنا للأصل اليوناني لتلك الكلمات هنا سنجد أنه يشملنا مع أبطال الإيمان هؤلاء مُوضِّحًا أننا لدينا الحق في دخول تلك السحابة أيضًا والانضمام لهؤلاء الأبطال عَبْر تنفيذ ما سَرده تاليًا. هؤلاء الأبطال هم بمثابة المُشجِّعين لنا كما في إستاد كرة القدم، الذين يشجِّعوننا ولكن على التَصرُّف الصحيح فقط وليس طوال الوقت.
“لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل” تعني أن يَحمل الشخص حِملاً فوق حِمله، هناك مَن يندم على عدم أخذ قرار معين في وقت ما نتيجة عدم استنارته في بعض الزوايا، حيث كان يصلي للأمر لسنوات ولم يرَ نتائج فحينما يكشف له أحدهم إنه كان يصلي خطأً يبدأ في الجدال قائلًا: “أيُعقل أنني كنت أصلي بطريقة خاطئة كل هذه الفترة!” مُعتبِرًا أن صلوات الحُزن والأسى تُحتَسَب وهو لا يَعلَّم أنه بهذا يضيف ثِقلاً على نفسه أكثر، أو مَن يُمارس إيمانه في أكثر من شيء دون أن تكون عضلات إيمانه قادِرة كفاية لحمل كل هذا فيتحول هذا لعبءٍ.
لا تتشتت في ممارسة إيمانك، ابدأ بالأولويات كاحتياجاتك الشخصية ومِن ثَمّ ادخل على باقي زوايا حياتك كأفراد عائلتك وما إلى ذلك، فهنالك مَن عرف للتو حقوقه وميراثه في المسيح ويريد تثقيل نفسه بأعباء أشخاص أخرى إضافةً لأعبائه فستكون النتيجة في النهاية هو أنه لن يرى نتائج في حياته لكون عضلة إيمانه لم تنضج بعد، فإن كانت عضلة إيمانه مُتمرِّسة بشكلٍ كافٍ فلا مشكلة في أن يمارس إيمانه في أكثر من زاوية.
أرأيت! هنالك أحجار كانت تُثقِلك مُسبِّبة لك بطء في الحركة، لذلك اختار الكتاب لفظ “لِنَطْرَحْ” بالتحديد كونه يعني في الأصل “إلقاء الشيء بعيدًا بصورة لا يمكن الرجوع إليه مرة أخرى”، وهذا اللفظ يختلف عن اللفظ الذي ذُكِرَ في عبرانيين الإصحاح العاشر؛ “فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ…” (العبرانيين ١٠: ٣٥) وتعني هنا “إلقاء الشيء بالقُرب منك مما يسمح بالرجوع إليه مرة أخرى”، مما يعني أنه من المستحيل أن يرمي شخصٌ إيمانه سريعًا بصورة لا يمكن الرجوع إليه مرة أخرى.
“وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ”؛ يتكلَّم هنا بصيغة يصف فيها الخطية كأنها بمثابة عروض تُقدَّم في كل مكان تذهب إليه في البيئة من حولك، أي مُنتشرة في كل مكان. لذلك لتطرح كل ثِقْل، “وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ” أي واضعًا نفسك في وضعية الصبر أي (تنشيف الدماغ على ما تريده من حقوق) وليس أن تحمل المشكلة كما ردَّدَ البعض مُستنِدًا على شرح خاطئ لقصة أيوب (صبر أيوب). حسب تعليم الآبائيات؛ فالصبر هو الصفة الأفضل في المسيحية والتي تُعَد مِن أجمل الصفات وأعلى القَيَّم والفضائل!
“حِينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا، وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئًا.” (متى ٢٠: ٢٠).
“ابن زبدي” تعني بحسب الأصل (عطية من يهوه).
كانت امرأة زبدي مِمَّن يتَّبعون الرب يسوع ومن المُواظِبين على اجتماعات تعليمه، حيث طلبت مِنه أن يكون ابنيها في ملكوته الذي كان منهما يوحنا الذي صار بعد ذلك من الرسل الهادِئين جدًا بعد أن كان من الثائرين جدًا هو وأخوه، حسنًا لنرى كيف كانت شخصيتهما قبل أن يُصحِّحهما يسوع.
“٥١ وَحِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لارْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، ٥٢ وَأَرْسَلَ أَمَامَ وَجْهِهِ رُسُلاً، فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ حَتَّى يُعِدُّوا لَهُ. ٥٣ فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهًا نَحْوَ أُورُشَلِيمَ. ٥٤ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: «يَارَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضًا؟» ٥٥ فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! ٥٦ لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ». فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.” (لوقا ٩: ٥١-٥٦).
“ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ”؛ جاءت في الأصل بمعنى إنه (عزم في قلبه ليَدخُل أورشليم مُستعِدًا للفداء). يتَّضح لنا في عدد ٥٤ مدى اندفاع هذين التلميذين، فبسبب إنهما شهدا بعض المعجزات فتجرأَ أن يطلبا أمرًا مثل هذا، لكن نرى تصحيح الرب يسوع لشخصيتهما، فَهما يعلما أن الأمور تسير بقيادة الراباي أو المعلم آنذاك، وبَّخهما قائلًا لهما: “لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا!”. مما يُثبِت أن الرب لم يكن مُوافِقًا على القرار الذي اتّخذه إيليّا في العهد القديم اللذان استندا عليه، وأن ما قالاه الآن مصدره أرواح شريرة.
إن استكملنا بقية الإصحاح المُقتَبَس منه الشواهد أعلاه سنرى الآية الشهيرة التي يستند عليها الكثيرون لإثبات أن الرب يسوع كان فقيرًا! لكن دعنا نرى معناها الحقيقي: “٥٧ وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». ٥٨ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ».” (لوقا ٩: ٥٧، ٥٨).
يعني الرب يسوع هنا بإجابته تلك أنه كان مطرودًا بسبب تعليمه الذي كان غريبًا في نظر اليهود، حيث إنه لم يكن يُعامَل بإكرام كباقي راباي (مُعلمي) اليهود، لذلك وَضَّحَ للشخص الذي طلب تبعيته نتائج ذلك القرار، مما يعني أنه لم يكن فقيرًا بل على العكس فهو كان يمتلك صندوقَ خدمة يعول من خلاله نفسه والتلاميذ بأسرهم، وكان يُدَعِّم الفقراء على الرغم من أن ذلك الصندوق كان يُسرَق منه.
نرى أن جذر اندفاع التلميذين هو الانتقام والمرارة مما فعلوه أصحاب المدينة معهما، بالطبع تمّ تصحيح شخصيتهما وصارا هادئين بعد ذلك بعد امتلائهم بالروح القدس، لكن نستنتج من هذا خلاصةً هامة جدًا: «تُخطئ عندما تعتقد أن الثبات في المواقف يأتي عن طريق طلب ذلك من الله؛ لأن الرب سيُثبتك من خلال تصحيحه في شخصيتك، أي تصحيح دوافعك!»
ردود أفعالك السلبية مثل أنّ تتضايق من الحرّ أو الازدحام وما شابه ذلك، أو تكون شَرِهًا في الخطية، هو عبارة عن قنابل (مرارة) مَوقوتة تكوَّنت بسبب تخزين المشكلات داخلك دون التعامُل معها فانفجرت في مواقفك السلبية، وينتج عن هذا إيمان لا يأتي بنتائج.
“وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا”؛ ضَعْ رِجْلك في السلوك بالإيمان ولا تَكُن مِمَّن يخشون من الأمور الروحية تحت مُسمَى “الاقتراب من الأمور الروحية خطيرٌ وضارٌ” وهم لا يَعلمون أن طريقة التفكير هذه في حدّ ذاتها هي مَن ستجعلهم ضحايا في الحياة.
“٢ نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ”
لنتعلَّم من الرب يسوع رئيس إيماننا كيف استطاع التأهُّب للصليب وعبوره بانتصار، حيث أوضحت في سِلسلة سابقة بعنوان “المجد الحالي بالقيامة” أنه كان يلهج في الكلمة في فترة شبابه عالِمًا ما سيَمُر به من عذابات ومعايرات مِن أرواح شريرة (إشعياء ٥٠: ٤-٨) فالأمر كان أكبر من مجرد تعذيب جسدي، فالأرواح الشريرة كانت تَتَجسَّد أمامه وتُعايره، لكنه ثَبَّتَ نظره على صورة واحدة فقط ونال المجازاة في النهاية ألّا وهي الجلوس عن يمين الله.
“نَاظِرِينَ” أتت في الأصل اليوناني بمعنى “مُبعِد نظرك عن ومُثبِّته على” أي التَشبُّث بصورة واحدة من الكلمة وتَجنُّب وتجاهُل أي صور أخرى، هذه هي طريقة صُنْع المعجزة.
“٣ فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ.”
“فَتَفَكَّرُوا” تأتي في الأصل اليوناني بمعنى (تكرار وإعادة تمرير الفكرة على ذهنك)، عليك باللهج في ذلك لئلا تخور في داخلك، وتَذكَّرْ ما ذَكَره في الإصحاح العاشر: “فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ.” (العبرانيين ١٠: ٣٥).
- ضرورة تصحيح الشخصية:
يوجد شِقّان هامان في حياة كل مؤمن، الأول: “الميراث الذي لك في المسيح”، والثاني: “التصحيح في الشخصية”، ولا يجب إهمال أيًا منهما.
عليك أن تفهم أن تصحيح الشخصية ليس فقط تَحوُّل شخص ما من شخصية عصبية لهادئة، أو أن ينتهي لديك حُبّ الاستطلاع، لا، بل هي أشمل من ذلك. هي عبارة عن عملية فيها يتمّ ضبط ذهنك ليُغذي الحقيقة التي هي كلمة الله عبر التفكير فيها ولا يُغذي الواقع السلبي من خلال الانشغال فكريًا به. افهمْ هذا جيدًا؛ ذهنك هو شاشة العرض لروحك فما ستراه في ذهنك ستتجه روحك نحوه، فَمِن هنا يتمّ تحديد ردّ الفِعْل الذي بدوره سيُحدِّد ما إن كان الموقف الذي تَعبُر فيه سينتهي بصورة إيجابية أم سلبية.
- “أخيتوفل” ضحية المرارة:
تذكَّرْ معي أخيتوفل مُساعِد داود الذي انقلب عليه مُنحازًا مع أبشالوم ضده على الرغم من حكمته وكونه كان يَتكلمَّ كلام الله، فعندما تدرِّس القصة لن تقرأها بالمُنحنَى الذي سنراه الآن، فالمشهور عن تلك القصة هو أن داود أرسل شخصًا ما ليُبطِل مشورة أخيتوفل وبدأ يصلي لإبطالها.
نرى ردّ فعل غريب من أخيتوفل، بمجرد أنه تمّ رفض مشورته قام بالانتحار وشنق نفسه، وهذا ما نراه في أُناس اليوم يقومون برَدّ فعْلٍ غريب مُفاجئ في موقف ما ويبيعوا كل شيء ويستسلموا، فمثلًا شخص كان ينوي السَفَر هو والعائلة، فجأة ينقلب ويقول لن نسافر إطلاقًا، وهكذا.
لاحظ هذا، ردود الأفعال هذه لم تَحدُّث في ليلة وضحاها بل هذا جاء نتيجة تخزين مُسبَّق لأمور نَتَجَ عنها مرارة، فهذا ما حدث مع أخيتوفل حيث إنه كان جِدّ بثشبع (٢ صموئيل ٣:١١، ٣٤:٢٣) التي زنى معها داود وقتل زوجها، فقد كان يرى أن داود تسبَّبً في ثلاث خطايا شنيعة:
- زنى مع حفيدته. (صموئيل الثاني ١١: ٢-٥).
- قَتَلَ زوجها. (صموئيل الثاني ١١: ١٥).
- بسببه مات ابن حفيدته. (صموئيل الثاني ١٢: ١٨، ١٩).
أدى كل هذا إلى توليد مرارة داخله تجاه داود مُتعجِّبًا من بشاعة ما يفعله لذلك كان أخيتوفل يسعى للانتقام منه وعندما فشل بسبب قيادة الروح القدس لداود وانقاذه، قَتَلَ نفسه. وجدنا أن أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت أخيتوفل يقتل نفسه هي المرارة والكلام السلبي المليء بالغضب تجاه داود بسبب ما فعله، ولكن يوجد أيضًا سببٌ آخر وهو أنّ داود كان مسيح الرب فهذا جعله يَعلَّم أنه سيفشل لا محالة وسيقبض عليه داود.
«المرارة قنبلة مُوقوتة ستقضي عليك آجلًا أو عاجلًا ما لم تتعامل معها»
هناك مَن يُخزِّن (وهو لا يدري) أمور سلبية اتجاه أخوته بمجرد سماع كلام سلبي عنهم، حتى لو قال إن الأمور التي سمعها عن أخوته ليست من شأنه، فالكتاب يُعلِّمنا أن نجاهد لنحفظ رباط السلام بيننا وبين أخوتنا (أفسس ٤: ٣)، فَمِن الوارد أن تقع بين يديك أخطاء لإخوتك سواء سمعتها من أحد من خلال رسالة أو مكالمة، أو حتى رأيتها بالفِعل، فإن لم تُسقِط تلك التُهَم من عليهم فتلك الأفكار التي خُزِّنَت ستقتلك يومًا ما.
- فهم أوسع لمعنى “تصحيح الشخصية”:
يُعلِّمنا الكتاب أن التصحيح في الشخصية ليس ُمقتصِرًا على تعديل سلوكك ناحية الآخرين بل أيضًا تجاه العيان المُضاد، فعندما يشتدّ، ماذا سيكون رَدّ فعلك؟ فعلى أي رصيد تتحرَّك، هل على رصيد العِلم أو ما يقوله الواقع والناس أم على الكلمة؟!
من هنا يخدع الشخص نفسه بأنه يسلك بالإيمان وهو لم يُفلتر بعض الأفكار السلبية المُخزَّنة بعد لديه، والتي تظهر بصورة بريئة كأن تُفكِّر في مدى بشاعة ابتعاد شخص كان رائعًا عن الرب أو خدام يرتكبون أخطاء فادحة، فيكون إيمانه سطحيًّا على الأرض ليس له أساس. على أية حال عليك فورًا عدم التفكير فيهم فَهُم لهم ربٌ يرعاهم ومسئول عنهم وليست مسئوليتك أنت الاهتمام بهذه الأمور! ولا تنسَ تلاميذ يسوع الذين كانوا يُخطِئون حتى نهاية الوقت الذي قضاه معهم الرب، أي لتصبرْ على الآخرين حتى ينضجوا.
تُخطِئ عندما تسعى لأن ترى أناسًا لا تُخطئ، فسعيك هذا يدل على شيئين:
- أنك قد لا تَعلَّم حقيقة أنه يوجد ما يُسمَى بالنمو الروحي وكل مِنّا لازال ينمو في بعض الأمور.
- إن تتبَّعنا سِلسلة أفكارك هذه سنجد أن جذرها هو أنك غير قادِر على أن ترحم نفسك فبالتالي لم تستطع رحمة الآخرين، فالشخص الذي في علاقة حية مع الروح القدس يَرحم بسهولة نفسه والآخرين عندما يُخطِئون.
تركك للأفكار السلبية عن أخوتك سيجعلك تُصاب بالإدانة من وقت لآخر مما سيجعلك تأخذ قرارات خاطئة وتقتل حياتك، أو صحتك، أو طموحاتك، …إلخ.
يتحرَّك الروح القدس في حياتنا بصورة مَنهجية جدًا فهو يَعلَّم ما الذي نحتاجه وكيف نأخذه كالمُعلِّم الشاطر الذي يستطيع إيصال المعلومة بسهولة للناس، لأجل هذا علينا استعمال الأسلحة التي أعطاها لنا الله فإن لم نستعملها سنكون أقوياء بالاسم ونحن في الحقيقة لا نستخدم ما أعطانا إياه لنستخدمه، لذا استعجب الرب يسوع من أُناس جعلوه ربًا على حياتهم ولكن لم يفعلوا ما قاله.
لا تُصلِّ ثانيةً وتقول: “ثبتني يارب وقويني” فكلمات الرب يسوع الذي قرأنها منذ قليل تُثبِت أنه دورنا نحن وليس الله في أن نَثبُت ونتقوَّى بكلمته، فخلاصة ما يريد توصيله هو أن مَن يَحفر أساس إيمانه مَتينًا لن تُزعزِعه ظروف الحياة.
ما ذكرناه الآن يعتمد على أن يكون التعليم الذي تتلقاه نقيًّا وإلّا سيكون تَمسُّكك بكلمة الله المشروحة خطأ فبالتالي ستتزعزع على الرغم من تمسُّكك بالكلمة، لذلك عليك أن تفهم أن الكلمة يمكن أن تُستعمَل ضدك، دعنا نرى مبدأً هامًا جدًا يُعلِّمنا إياه الكتاب:
“وَلكِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ صَالِحٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْمِلُهُ نَامُوسِيًّا.” (١ تيموثاوس ١: ٨).
لاحظت ذلك! يمكن أن تكون كلمة الله غير صالِحة لك بل وستكون ضدك إن شُرِحَتْ لك بصورة خاطئة، ففي الشاهد أعلاه يُوضِّح أنه ليتمّ الاستفادة من الناموس فيجب شَرْح روحه، فكما في لغتنا اليوم القانون وروح القانون، فالكتاب المقدس موجود منذ آلاف السنين ومع الملايين من الناس ولكن هل الكل مُستفيد منه؟ فهنا يَكمُن الفن.
- اقبلْ تصحيح الرب كابن محبوب:
“٥ وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. ٦ لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». ٧ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ ٨ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. ٩ ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ ١٠ لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. ١١ وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ.” (العبرانيين ١٢: ٥-١١).
أترى هذا، هدف الرب هو تصحيح شخصيتك، لكن البعض يكون ردّ فِعْله حيال التوبيخ هو الاستسلام وأن يرخي عزيمته ويخور، وأن يتخلَّى عن مقاومة أفكار الاستسلام هذه، وفي هذه اللحظة يقتنص إبليس الفرصة ليَدخُل ويُخرِّب في حياة هؤلاء، فالأمر يُشبِه جسم الإنسان الذي كان جهازه المناعي يُقاوم مَرضًا مُعيَّنًا وفجأة يَحدُّث انتكاسة ويشتدّ المرض نتيجة تَوقُّف الجسم عن المقاومة.
يعتقد الكثير أن طريقة الله في التأديب هي عن طريق المرض أو إرسال المشكلات إلينا لنتعلَََّم دروسًا، لكن في الحقيقة الشاهد أعلاه مُقتبَسٌ من سِفْر الأمثال، حيث وَرَدَ كالتالي: “اَلانْتِهَارُ يُؤَثِّرُ فِي الْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ جَلْدَةٍ فِي الْجَاهِلِ.” (الأمثال ١٧: ١٠). يتَّضح لنا هنا أن التأديب ليس بالأمراض والمشاكل ولكن بالكلمات التي لها نفس تأثير الجَلْد على الإنسان، أي على الإنسان أن يهتز تجاه الكلمة.
“٥…. يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ.”
- “التأديب”: هو تدريبات وتعليمات وتوجيهات.
- “التوبيخ”: هو إعادة ذِكْر الشيء الخطأ لتوخي الحذر فيما بعد.
يَتكلَّم الروح القدس معك برأفة وحُبّ وهذا مُوَّضَحٌ في الإصحاح الثالث من سِفْر الأمثال، فتصحيح الروح القدس لا يجرح أو يُحزِّن، فهو عكس تصحيح الناس، لذلك كان مَقصودًا أن تُذكَر ألفاظ مثل: “يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ، يَا ابْنِي، كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ، يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِين“
” ٦ لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ.“
الابن لا يُقبَل لكنه يُولَد، لكن يتَّضح لنا من خلفية هذا الشاهد بأن مشكلة تلك الكنيسة هي تَزعزُّع الأشخاص من تصحيحات الروح القدس أو الرعاية الروحية والتي هدفها تصحيح ردود أفعالهم، فردود أفعالهم الخاطِئة هي سبب زعزعتهم. لا يتحدَّث هنا عن الارتداد للهلاك، لكن يَتكلَّم عن أُناس غضبوا من الرب لفترة وعادوا مرة أخرى فهذا معنى “…كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ”؛ لأجل هذا ذُكِرَ فيما بعد في الإصحاح نفسه؛ “أَنْ لاَ يسْتَعْفُوا(ينفروا) مِنَ الْمُتَكَلِّمِ.” (العبرانيين ١٢: ٢٥).
نفهم من ذلك سبب حديثه بعد ذلك عن عدم تفويت فرصة التدريب بسبب الحزن أو التَضايُّق منها، لذلك حَفَّزَهم على تشجيع بعضهم بعضًا على التدريب وتقويم حياتهم: “١٢ لِذلِكَ قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ (المُستسلِّمة) وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، ١٣ وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى.” (العبرانيين ١٢: ١٢، ١٣).
- التدريبات وعلاقتها بالثبات:
“٧ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ (التلمذة) يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ…”
لفظ “تَحْتَمِلُونَ” أتى في اليوناني “hupomenō” بمعنى (النزول تحت التدريبات، الصبر على التأديب) وهنا لا يَتكلَّم على مشكلة تتحمّلها ولكن تَحمُّل تصحيح طريقة تفكيرك، والدليل أنه ذَكَرَ: “٣ …لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ“ أي أذهانكم.
“…فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟” أي مِن الحتمي أن تتدرَّب. لا تنسَ هذا: «تَزعزُّعك في التدريبات يساوي تَزعزُّعك في الحياة».
نرى اليوم أن أي طفل يرفُض التدريب (الذهاب للمدرسة مثلاً) يكون مُستقبله في خطر، لذلك يَحرُّص الآباء على أن يذهب أطفالهم للمدرسة ليتدرَّبوا وتكون حياتهم أفضل في الأرض، فإن استسلم الابن في بعض الأحيان سيُعاود والديه تحفيزه ولن يتركوه لهواه لأنهما يَعلمان خطورة عدم التدريب والتَعلُّم. رفضك للتأديب يجعلك مُساويًا للابن غير الشرعي أي الذي أتى من جارية فهذا ما تُعنيه كلمة “نغول”.
“٩ ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فنحيا؟”
“وَكُنَّا نَهَابُهُمْ” معنى الهيبة هو أن (تخضع وتُنفِّذ ما قيل لك، وليس قول “حاضر” وفي النهاية لا تفعل شيء)، وتَذكَّرْ ما شرحته عن إبليس في سِلسلة “مخافة الرب هي حياتك” ذاك الكائن الذي يُقلِّل من هيبة الكلمة في نظرك ويستخف بالمعجزات التي حدثت في حياتك، فهذا ما يفعله دائمًا.
“آبَاءُ أَجْسَادِنَا”، “أَبِي الأَرْوَاحِ” يَتّضح لنا هنا أن آبائنا الأرضيين يُؤدِّبونا جسديًا، ولكن الله (أبو الأرواح) يُؤدِّب بالكلمة لأنها روح (يوحنا ٦: ٦٣).
” ١١ وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ.”
الكمال في كل زوايا حياتك سيُعطَى لك فقط عندما تسير مع الروح القدس في تلك التدريبات، كأن تُطيعه عندما يقول لك: “نَظِّمْ مواعيد نومك، اقطعْ علاقتك بهذا الشخص، لا تكتبْ هذا التعليق، لا تَقُلْ هذا الكلام،… إلخ” مِمّا يُوحي لك بأنّ هذا تقييدٌ ولكن في الحقيقة نتائجه يتمنَّاها أي شخص ألّا وهي “الشالوم” أي تصير غير ناقِص لشيء.
“فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ.” (العبرانيين ١٠: ٣٥).
يريد الروح القدس أن يُلفِت انتباهك لهذا الأمر الهام جدًا للتصحيح في الشخصية لتصير ردود أفعالك صحيحة في المواقف فتنتصر في كل الظروف الصعبة، فهو يريد تدريبك مُبكرًا قبل مواجهة التحديات كي تكون جاهِزًا وصامِدًا غير مُتزعزِع في المواقف، وتَذكَّرْ ما شرحته مُسبقًا بأن الله لا يَتكلَّم فقط وقت التحديات بل وقت الراحة أيضًا: “تَكَلَّمْتُ إِلَيْكِ فِي رَاحَتِكِ (وقت الهدوء وانعدام المشاكل) …” (إرميا ٢٢: ٢١).
لماذا يسقط الكثيرون في حياتهم ويكون سقوطهم عظيمًا؟! لأنهم غير مُؤسَّسين (متى ٧: ٢٤-٢٧)؛ لذلك إن كنت مُؤسَّسًا صحيحًا لن تخشى ظروف الحياة بل تضحك على الزمن الآتي: “تَتَأَمَّلُ حَقْلاً فَتَأْخُذُهُ، وَبِثَمَرِ يَدَيْهَا تَغْرِسُ كَرْمًا.” (الأمثال ٣١: ١٦)، أي تستطيع أن تُمارس إيمانها وتأخذ ما تريد، فعندما تتدرَّب وتتعوَّد على السلوك بالروح تصبح ظروف الحياة كلعبة في يديه؛ لأن الكلمة صارت ذو مكانة كبيرة في نظره أكبر من أي موقف صعب.
ـــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download