القائمة إغلاق

الفداء والخلاص بيسوع – الجزء Redemption And Salvation Through Jesus – Part 7

 

 

Redemption And Salvation Through Jesus الفداء والخلاص بيسوع

 لسماع العظة علي الفيس بوك اضغط هنا

 

لسماع العظة علي الساوند كلاود اضغط هنا 

 

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

 

 

 

الفداء والخلاص بيسوع – الجزء 7

 مفهوم “الخلاص”.

  • أنت ليس بك طبيعتان.
  • حقيقة الميلاد الثاني.
  • التعريف الإلهي للميلاد الثاني.
  • الكنيسة هي حاجز الظُلمة.
  • مفاهيم خاطئة عن الخلاص.
  • انشغالك بأي شيء غير الرب يُهدد حياتك.
  • وُلِدنا من الكلمة الثابتة غير القابلة للفناء.

    من الرائع أن تكون شخصًا يعرف كيف يَعبُد، حيث شرحت تعريفها منذ سنوات في سلسلة بعنوان “العبادة مفتاح الشركة“. العبادة هي معرفة ضخامة ما صنعه الرب فيك وتشكره عليه، فالعبادة الحقيقية تُفعَّل بالروح وتُبنَى على حق كتابي، فهناك عبادات في الظاهر بريئة لأنها تتمّ بداخل الكنائس ولكنها في الحقيقة وثنية!

  • مفهوم “الخلاص”:

   هو إعادة خلْق روح الإنسان التي فسدت، حيث كانت تحتاج لإعادة خلق فالتنظيف أو التصليح لم يكن ليعالج المشكلة. أعلم أن هذا سيتعارض مع التعليم الذي يدَّعي أن للإنسان طبيعتين (جديدة وعتيقة)، ونرى مزاح مؤمني هذا التعليم كالتالي: “لا تزعجني لئلا أُخرج العتيق”.

   نشأ هذا الاعتقاد بسبب ما تمّ تعليمه للمؤمنين على أن ما يشعرون به هو بسبب الإنسان العتيق الذي بداخلهم مُستنِدين على آيات مُفسَّرة خطأً، لكن التشخيص السليم لتلك الحالة هي أن الأفكار الخاطئة هي التي لازالت موجودة ولكن روحك (كمولود من الله) صارت جديدة، فالأمر يُشبه العربة التي استبدلنا موتورها القديم بآخر جديد وهذا ما حدث في قلب الإنسان، فتنبؤ الوحي بأن القلب سيتغيّر لم يكن بلا جدوى!! (حزقيال ٣٦: ٢٦).

    إن كنت درست “العبادات الوثنية paganismستفهم ما أقوله، ستكتشف أن الحالة الوحيدة التي يمكن أن يكون للإنسان طبيعتين هي في العبادات الوثنية، فجذر الأمر ليس إساءة فهم رسائل الرسول بولس، بل هذه العقيدة تسرّبت بين الناس نتيجةً للانفتاح على مبادئ وتعليم العالم؛ لأجل هذا عليك فهم الخلفيات التاريخية التي يصعب جمعها بمرجع واحد لكثرتها.

   لنأخذ مثالًا تاريخيًا ككنيسة كورنثوس الذين كانوا في مدينة اُشتهِر فيها السُكْر والعبادات الوثنية الكثيرة لدرجة أنهم لَقبوا أي سكير حينها في أيام الدولة الرومانية “بالكورنثوسي”. تخيل معي بعد كل هذا يأتي أحدهم ويقول لهم أن للإنسان طبيعتين، تُرى ماذا ستكون ردة الفعل؟ سيسخرون منه بالطبع لأن هذا لا يفرق شيئًا عن ما سمعوه في عباداتهم!

     من خلال ما قاله الرب يسوع في الإنجيل بحسب يوحنا دعونا نؤكد الآن على حتمية ولادة الإنسان ثانيةً: “أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ” (يوحنا ٨: ٤٤) مما يُثبِت أنه حصل ولادة من إبليس وتمّ ميراث طبيعته، وقد تكلّمت من قبل في مقالة غرض الله للإنسان شراكة موضِّحًا أن الإنسان في بداية خلقه كان مُحايدًا وتلوّث عبر قبوله لربوبية إبليس من خلال سماع كلامه وصار عبدًا له وهذا استنادًا على المبدأ الكتابي؛ “أنت عبد لمَن تُطيعه” (رومية ٦: ١٦)، حيث صارت الطبيعة تتوارث بالتناسل، وقد شرحت ذلك أيضًا في “مقالة أنت بار وبر الله“، لأجل هذا كان يُحَتم على يسوع تغيير طبيعة الإنسان وليس إصلاحها.

   تُرى، أين ذهبت روح الإنسان القديمة بعد الميلاد الثاني؟

نرى الإجابة جلية في الكتاب المقدس فالله له طريقة للإنهاء على الأشياء، حيث إن روحك العتيقة تم ابتلاعها في الله، كما سيحدث في جسدك حينما يُفتدَى ويُبتلَع من الجسد غير القابل للفساد.

“فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ.” (٢ كورنثوس ٥: ٤).

 لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ.” (كولوسي ٣: ٣).

    لنتطرق لشاهد كتابي هام، تأمل فيه جيدًا واجعله عيدك اليومي:

“١٥ وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. ١٦ إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ (حسب الجسد) ١٧ إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. ١٨ وَلكِنَّ الْكُلَّ (خارج) مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ.” (٢ كورنثوس ٥: ١٥-١٨).

      يتحدث الرسول بولس في العدد السادس عشر عن أنه أخطأ عندما عرف المسيح على أنه بشريٌّ عاديٌّ نتيجة نظرته الخارجية له لكنه في الحقيقة ليس بشريًّا بل إلهيًّا؛ لذلك قام باستنتاج مبدأ عام ألّا وهو “عدم النظر لأي شخص طبقًا للخارج لأنه قد يكون في الظاهر بشريٌّ ولكن في الحقيقة هو غير ذلك لأنه قد يكون خليقة جديدة”.

     يجد البعض صعوبة في تطبيق تلك النظرة الصحيحة على كل المؤمنين، لماذا يا ترى؟! لأنهم ربما يكونوا تعثّروا من بعضهم فبالتالي أصبح من الصعب تصديق فكرة أن هؤلاء المُخطِئين يحملون بداخلهم طبيعة الله، لكن هم لازالوا أفضل من غير المؤمنين، فما يحدث أنه بسبب تلك الأخطاء يختار البعض أن يحب الخطاة أكثر من المؤمنين.

    لكن دعني أُفسّر لك لماذا في بعض الأحيان نرى مؤمنين يُخطئون أكثر من غير المؤمنين، فالمؤمن لديه روح جديدة تعمل كالماكينة القوية جدًا في الإنتاج، لكن إن أُسئ استعمالها ستُنتج بقوة أمورًا خاطئة التي تكون أحيانًا أبشع من أخطاء الخطاة ذاتهم، فهم لم يستعملوا الطبيعة الإلهية التي بداخلهم بصورة صحيحة، فهذا هو التشخيص السليم؛ لذا لا تُخرِج من فمك مجددًا عبارة؛ “الخطاة أفضل من المؤمنين”.

   “خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ” أتت في الأصل “new creature” وليس “new creation” أي “مخلوق لم يكن موجود من قبل”، فهذا هو أنت الآن بعد ميلادك الثاني، هذا هو خلاص يسوع.

 أنت ليس بك طبيعتان:

    تمّ إعادة خلق روح الإنسان من جديد، فالعتيق لم يتم صيانته بل تمّ خلق كائن جديد. أيضًا كما قلت منذ قليل أن آدم الأول كان مُحايدًا (نفسًا حية) وآدم الأخير (روحًا ويُعطي حياة)  (١ كورنثوس ١٥: ٤٥).

 “١٧….الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. ١٨ وَلكِنَّ الْكُلَّ (خارج) مِنَ اللهِ”

   يتكلّم هنا عن الكيان الداخلي (الروح الإنسانية)، حيث صارت جديدة بالكامل وهي خارجة من الله ذاته، من هنا نفهم أن الإنسان ليس به طبيعتان، نعم قد تتساءل، ماذا عن الآية التي تتحدث عن خلع العتيق؟!!!

 “أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ.” (أفسس ٤: ٢٢).

   إجابتي لك هي في سياق الآية نفسها، فهو هنا يتكلم عن التصرُّف حتى أنه يمكنك اكتشاف ذلك بشكل أوضح إن رجعت للأصل اليوناني، وببساطة شديدة، كونه يتكلم عن الخلع واللبس إذًا هو لا يتكلم عن القلب بل عن السلوك؛ لذلك ما كان يقصده الرسول بولس هو “لا تتقمص شخصية الإنسان السابق الذي مات بل عِش بالطبيعة الجديدة التي صرت عليها”. دعنا نتطرّق لآيات أخرى تُثبت أنه لم يَعُد هناك إنسانٌ عتيقٌ.

“٦ عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. ٧ لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ.” (رومية ٦: ٦، ٧).

    جاءت “لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ” في الأصل هكذا: “ليُبطل الجسد الذي كان مُستَعمَلاً في الخطية” وهنا يقصد الخطية التي تُعرَض عليه من الخارج لأن الإنسان العتيق بحسب الشاهد أعلاه قد مات ووُجِدَ إنسانٌ جديدٌ غير مُنتِج للخطية.

   لاحظ أن المشكلة ليست في الجسد فهو مجرد آلة وليس به طبيعة شريرة، فعلى سبيل المثال: السكين آلة ليس بها طبيعة ولكن يمكن استعمالها في الخير أو الشر؛ لذلك قال في الإصحاح نفسه: “وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ للهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرّ ِللهِ.” (رومية ٦: ١٣).

   يستخدم الرسول بولس كلمات تُناسب ما كان يشرحه في مُقدمة الرسالة (رومية ١) التي تتكلم عن مشكلة الخطية، فهو أخذ يشرح بلغة المشكلة، لكن بعد خلاص يسوع اختلف الوضع وتغيّرت الطبيعة الشريرة بأخرى جديدة وبهذا تكون حُلَّت المشكلة الداخلية وتبقّت الخارجية، أي إن الجوهر تغيّر يتبقى على الإنسان أن يتعلّم كيف يدير جسده ونفسه طبقًا لروحه الجديدة!! لهذا يشرح لهم كيف يستعملون أجسادهم بطريقة صحيحة التي هي غير فعالة الآن مع الخطية التي كانت قبلًا مُستعمَلة في الخطية، فجسدهم لم يتدرّب بعد على السلوك بالطبيعة الجديدة.

   دعونا نُكمل ما يقول: “كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ! لِماذا يا تُرَى؟ لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ”، حيث أتت كلمة “تبرأ” في الأصل بمعنى “صار بريئًا وحُرًّا ولا يمكنه أن يُظهر أو يتمنى أو يعتبر الخطية لأنه برئ منها”، فالذي مات صار بريئًا من الخطية.

  • حقيقة الميلاد الثاني:

   هو إعادة خلق الإنسان أي روحه فالنفس والجسد لم يخلُصا في تلك اللحظة وهذا يُرجِعنا لتعليم الروح والنفس والجسد فالإنسان هو “١٠٠٪ روحًا يمتلك نفسًا ويسكن في جسد” وليس كما ظنّ البعض “⅓ روحًا و⅓ نفسًا و⅓ جسدًا”، هذا مفهوم خاطئ! فإن كان كذلك سيكون من المستحيل عليه التحكُّم في نفسه وجسده لأنه معجون في بعضه البعض! لكن بالمفهوم السليم أنك “بالكامل روح” ستستطيع التحكم وتوجيه مشاعرك وأفكارك وجسدك فتلك المشاعر ليست أنت، حيث يتوهّم البعض أن ما يشعرون به فهذا ما هم عليه.

   بإمكان روحك الآن أن تقود نَفْسك وجسدك، لكن متى لا تقدر على ذلك؟ إن أضعفتها أنت، حيث إنه لا يوجد شيء سواك يستطيع التأثير على روحك وإضعافها، فأنت قادر على التحكُّم في أفكارك وتطويع ذهنك ليُفكر في الأمور الصحيحة (الكلمة) بل وتستطيع التحكُّم في مزاجك كل يوم ولا تكون مُتقلِبًا وردّ فِعْل لِما يحدث من حولك.

    بدأت الهرطقات في الظهور من بعد سنة ٣٠٠م، لكن افهم هذا؛ “السنين الطويلة لن تجعل من الكذب حقيقة” لذا أنت لست مُلزَمًا بتصديق هرطقة أنك قطعة واحدة روحًا ونفسًا وجسدًا.

    إليك دليلٌ آخر من الفلسفة والمنطق، حيث تنص أحد مبادئ المنطق على أنه إن أردت التحكُّم في الكرسي الذي تجلس عليه فعليك الخروج منه للتحكم فيه، فبنفس المُنطلَق إن كان الإنسان روحه ونفسه وجسده شيء واحد فكيف سيستطيع التحكُّم فيهما؟! فهذا يُحتم عليك قبول الحقيقة الكتابية المُطلَقة أن الإنسان بالكامل “روح”.

    الخلاص ليس ضمانَ السماء فقط فتلك الفكرة في حد ذاتها جعلت أجيالاً تعاني عناءً لا داعي له، أنا لا أعني بذلك أن الحياة يجب أن تكون ورديّة، بالطبع ستكون هناك تحديات ولكن لكي نغلبها وليس لنُعاني منها، فالميلاد الثاني هو تحويل الهوية من بشرية لإلهية، حيث رُسِمَ لك أن تكون ردود أفعالك إلهية وتنخفض تمامًا البشرية لديك وتفهم مَن أنت في المسيح.

    نزل الرب يسوع بروحه ونفسه إلى الهاوية وبهذا يكون لاهوته (روحه) لم يُفارق ناسوته (نفسه أو بشريته) مُحقِّقًا المعادلة الصعبة، وليس كما اعتقد البعض أنه كان ذو روحين (لاهوت وناسوت)، بل عندما نرجع لأصول الأبائيات نرى أن النفس هي الشيء الملاصق للروح فهذا ما جعله بشريًّا وليس فقط الجسد ما جعله كذلك.

    بهذا المفهوم نفهم كيف صنع الرب خلاصًا يشمل الزمن كله (ماضيًّ حاضرًا مستقبلاً)! عن طريق أنه نزل بروحه (كأقنوم الابن) للهاوية، حيث قال الكتاب: “وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ.” (رؤيا ١: ١٨).

    وُلِدَ الرب يسوع من جديد لأنه صار خطية، حيث يقول الكتاب:

“١ اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، ٢ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، ٣ الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، ٤ صَائِرًا أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْمًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ. ٥ لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا»؟” (العبرانيين ١: ١-٥).

    يختلف هذا الميلاد عن الذي كان من العذراء مريم، حيث إنه في الميلاد الأول وُلِدَ وأخذ جسده من بشر وكان ابن الله بالفعل، ولكن في ميلاده الثاني وُلِدَ كاملًا من الله، وهذا ما حدث معنا بالضبط، فروحنا التي كانت مُنتِجة للخطية أُعيد خلقها وصار: “جعل الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.” (٢ كورنثوس ٥: ٢١). “لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ.” (رومية ٨: ٢٩).   

“١ لِذلِكَ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ أَكْثَرَ إِلَى مَا سَمِعْنَا لِئَلاَّ نَفُوتَهُ، ٢ لأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ صَارَتْ ثَابِتَةً (مُصَدَّقة)، وَكُلُّ تَعَدٍّ وَمَعْصِيَةٍ نَالَ مُجَازَاةً عَادِلَةً، ٣ فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ؟ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا.” (العبرانيين ٢: ١-٣).

    انتبه، كلما كبرت روحيًا فهذا يُحتم عليك أن تتمسّك أكثر بالحق الكتابي وما سمعته من قبل في الكلمة، حيث لا يوجد ما يُسمَى هذا كان للأطفال روحيًا، فإن لم تفعل ذلك سيُسرَق منك ما عندك فهو هنا يتكلم بنفس لغة الرب يسوع التي شرحها في مثل الزارع (لوقا ٨: ٥-٨) فإبليس دائمًا ما يريد سحب الكلمة التي أخذتها؛ لذلك تمسّك بها بشدة.

  • التعريف الإلهي للميلاد الثاني:

“٣٠ أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ». ٣١ فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. ٣٢ أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» ٣٣ أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا» ٣٤ أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ ٣٥ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ، ٣٦ فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟” (يوحنا ١٠: ٣٠-٣٦).

    “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” انتبه! رغم إنه لم يقُل: “أنا ابن الله أو أنا الله” لكن اليهود فهموا ما كان يقصده فمعنى تلك العبارة التي قالها مفهومة لديهم، فهي تعني ضمنيًا أنه في الفئة أو الشريحة الإلهية. بعد قوله ذلك أكمل كلامه موضحًا إثبات ما يقول من الكلمة مُفسِّرًا ما جاء في (مزمور ٨٢) غير خائف من ردّ فعلهم التي كانت ستؤدي به للموت رجمًا فهو كان جريئًا جدًا. دعونا نرجع للشاهد الذي اقتبسه الرب يسوع من العهد القديم وبالتحديد للمزمور الذي كتبه آساف تلميذ داود.

“١ اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسْطِ الآلِهَةِ يَقْضِي: ٢ «حَتَّى مَتَى تَقْضُونَ جَوْرًا (ظُلمًا) وَتَرْفَعُونَ وُجُوهَ (تقفون في صف) الأَشْرَارِ؟ سِلاَهْ. ٣ اِقْضُوا (انصفوا) لِلذَّلِيلِ وَلِلْيَتِيمِ. أَنْصِفُوا الْمِسْكِينَ وَالْبَائِسَ. ٤ نَجُّوا الْمِسْكِينَ (المنكوب، أو المحتاج) وَالْفَقِيرَ (ليس شرطًا الاحتياج المادي). مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ أَنْقِذُوا. ٥ «لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. فِي الظُّلْمَةِ (عدم المعرفة) يَتَمَشَّوْنَ. تَتَزَعْزَعُ كُلُّ أُسُسِ الأَرْضِ. ٦ أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ. ٧ لكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ». ٨ قُمْ يَا اَللهُ. دِنِ الأَرْضَ، لأَنَّكَ أَنْتَ تَمْتَلِكُ كُلَّ الأُمَمِ.” (المزامير ٨٢: ١-٨).                                          

“٥ لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. فِي الظُّلْمَةِ (عدم المعرفة) يَتَمَشَّوْنَ. تَتَزَعْزَعُ كُلُّ أُسُسِ الأَرْضِ.”

   أرأيت! الذين يعرفون الكلمة إن لم يقوموا بواجباتهم سيتسببون في الكوارث الطبيعية، فهذا يوضح مدى أهمية دورنا في الأرض.

“إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ” (يوحنا ١٠: ٣٥).

    إن كان أطلق لفظ آلهة لهؤلاء فقط مَن عرفوا الشريعة (كلمته) أي التعليمات التي كانوا يسيرون عليها بخصوص تعاملاتهم مع بعضهم ومع الآخر ومع الذبيحة، فكم بالأحرى الله الظاهر في الجسد (يسوع المسيح) ونحن مَن وُلِدنا منه!

 كانت الشريعة تنقسم لثلاثة أقسام:

  • العلاقات مع بعضهم البعض ومع الأمم.
  • نظام العبادة.
  • الأخلاق وفهم الإنسان لنفسه.

   لأجل هذا ليس بغريب أن يقول إنه هو والآب واحد. لا تفهمني خطأً، حيث إن البعض يخاف من هذا المفهوم لئلا يُعبَد الإنسان، ولكن لازال الله وحده مُستحِقًا العبادة، دعني أُبسطها لك بمثال:

  وُلِدَ شخص في مكان سيء جدًا وكانت حياته بشعة، فأخذه أحد الملوك لقصره وأعاد خلقه -قد يبدو هذا خياليًّا بعض الشيء ولكن هذا ما حدث حقًا معك يوم وُلِدت من جديد- فصار في نظر الناس في نفس الشريحة الملوكية ولكنهم لا يعلمون أنه لم يُولَد في البداية هكذا فهو مفعول به، بالطريقة نفسها أصبح الإنسان من فصلية إلهية (شريكًا للطبيعة الإلهية كما قالها بطرس الرسول) ولكن الله سيظل هو الوحيد المعبود. لاحظ أن مُصطلح آلهة دُعِيَّ على مَن تشاركوا معه في فِكْره فكم بالحري نحن المولودين منه شخصيًا!

  “وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ” لا يمكن الوقوف ضدّ الحق الكتابي، فأمامه تسقط كل مزيفات.

“٣٦ فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟”  

    لم يقل الرب يسوع ذلك في البداية ولكن هذا مضمون ما قاله فكونه قال إنه مُتّحِدٌ بالآب إذًا هو في نفس شريحته، لأجل هذا عليك فهم أن الميلاد الثاني أعلى مما كنا نتصور، فأنت الآن صار بداخلك چينات وحياة الله التي ذُكِرَت في ترجمة فانديك بمُصطلح “حياة أبدية” فهي تأتي في الأصل اليوناني “zōē الحياة الإلهية التي تتّصف بأنها لا تفنى.

   إذًا أنت صرت من نفس الخامة التي لا يمكن تدميرها، فبهذه القوة يمكنك أن تواجه المواقف وتنتصر عليها، وهذا يجعلنا نفهم أن الإنسان الذي وُلِدَ من جديد عليه دور لتغيير ظروفه. لنفهمها أكثر من خلال الشاهد التالي.

“١ وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، ٢ فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟». ٣ أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ. ٤ يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. ٥ مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».”          (يوحنا ٩: ١-٥).

    بحسب الأصل اليوناني لذلك الشاهد من المُفترض أن تُوضَع “نقطة” بعد “لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ.لأنه لم يُرد الإجابة على هذا السؤال وأنهى الموضوع، أيضًا لا توجد “نقطة” بعد “لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ” فهي مرتبطة بما بعدها أي أعمال الآب، إذًا جملة “لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ” لم تكن إجابةً لسؤال التلاميذ.

     بسبب عدم فهم ذلك اعتقد البعض أن ذلك الشخص خُلِقَ أعمى ليصنع له الله المعجزة فيتمجّد كما لو كان يحتاج لعمل عروض مسرحية ليُثبت نفسه، لكن هذا بكل تأكيد خاطئ ومُناقِض لطبيعة الله فهو ليس ذو رأيين؛ “لأن رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ.” (يعقوب ١: ٨)، حاشا أن يكون الله حاملاً لتلك الصفة!

   لم يُرد الرب يسوع الإجابة على سؤال التلاميذ تجنبًا للمجادلة التي كانت ستقوم، فسؤالهم منبعه عقيدتان:

  1. الصدوقيين: كان تعليمهم يدّعي بأن الإنسان يُعاد خلقه بعد موته ولكن على حسب حالته قبل الموت، أي إن كانت أعماله سيئة ومات فسيُخلَق من جديد ولكن بمشكلة أو إعاقة، وإن كان خَطَّاء جدًا فسيُعاد تجسُّده على هيئة حيوان. هذا كان المقطع الأول من سؤالهم: “يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا…”
  2. الفريسيين: قد يكون الوالدان سَلَكَا بخوف أو أخطاء من الأجداد وحدث توارث مما أدى لولادة طفل بهذه الحالة، وهذا بحسب (خروج ٢٠: ٥) فالكتاب يقول صريحًا: “لَعْنَةٌ بِلاَ سَبَبٍ لاَ تَأْتِي.” (الأمثال ٢٦: ٢)، وقد تكلّمت عن الفرق بين (الخطية، والإثم، والتعدي) في مدرسة الكتاب المقدس المتقدمة. يعني ذلك أنه نعم يجب أن يكون هناك سبب ولكن الرب يسوع رفض أن يقوله مُتجنِبًا الجدل الذي كان سيحدث. هذا كان المقطع الثاني من سؤالهم: “…أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟”
  • الكنيسة هي حاجز الظُلمة:

 “٤ يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. ٥ مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».”

    يُقصَد “بالليل” هنا هو أن خروج الرب يسوع يساوي ظلامًا للعالَم، وما يسري عليه يسري علينا فذلك ليس قاصرًا عليه هو فقط، فنحن أيضًا نورٌ للعالَم (متى ٥: ١٤)، لكن يتبقى بعض الأسئلة: هل وجوده في العالم أوقف الخطية بالكامل؟ هل الأماكن التي تواجد فيها هي مَن أُنيرت وباقي العالم ظلّ مُظلِمًا؟ هل هذا الإله يحدّه مكانٌ؟ في الحقيقة هذه أسئلة استنكارية وإجابتها هي “لا”، فالرب يسوع لم يَكُن مُبطِلًا للخطية والموت إلا في حالة “دخوله حياة الإنسان” أي بمجرد تواجد النور يتلاشى الظلام.

   يتضح لنا مما سبق دور الكنيسة الهام جدًا في حجز الظُلمة، دعونا نفهم كيف يحدث ذلك بالتفصيل:

“١ ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، ٢ أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ. ٣ لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، ٤ الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ. ٥ أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هذَا؟ ٦ وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. ٧ لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، ٨ وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ. ٩ الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، ١٠ وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. ١١ وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، ١٢ لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.” (٢ تسالونيكي ٢: ١-١٢).

    يتكلم هنا عن الوحش الذي لن يُستعلَن إلا بخروجنا نحن الكنيسة من الأرض، فهو يعمل الآن نعم ولكن في سريّة وبدون ظهور وهذا معنى “سر الإثم”، فنحن حاجزين لاستعلانه.

“١٠ وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا”، إن لم تُحب الحق الكتابي ستُخدَع.

    كان يعمل إبليس في الأرض على الرغم من وجود الرب يسوع، حيث إننا لم نرَ الخطية أنها أُبطِلَتْ، مما يجعلنا نفهم أن الأمر مُرتبِط بحرية الإنسان بإدخال هذا النور (يسوع ونحن لأنه صار ساكنًا فينا) لحياته. لذلك لا تكتفِ بسكنى الروح القدس داخلك بل يجب أن تتجاوب معه عن طريق تجاوبك مع الحق الكتابي.

    عندما قال الرب يسوع: “يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ.” (يوحنا ٩: ٤) لم يعني هنا أن هذا سيحدث بعد خروجه من العالم بل عندما يُرفَع حاجز الإثم (الكنيسة) من الأرض! فَمِن هنا سيتمّ السماح لإبليس بالعمل ليس فقط سريّةً على أذهان الناس بل علانيةً وبشكل كامل!

   تنبأ الرسول بولس عن الأمجاد التي نسلك فيها الآن وهي تزداد بمرور الوقت قائلًا: “فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رومية ٨: ١٨).

    يتكلّم هنا عن الكنيسة أنها ستتزايد في الإشراق، وقد تكلّمت في ذلك سابقًا في عظة المجد الحالي بالقيامة (٦)، فهو لا يقصد هنا المُلك الألفي.

    كان الرب يسوع هو النور والحلّ للعالم ولكن لم يستفِد منه غير مَن سمحوا له بذلك عن طريق التجاوب معه، فكذلك الأمر مع الميلاد الثاني لن تستفيد منه إن لم تتعلّم كيف تُفعِّله.

إليك الخُلاصة؛

الخلاص يشمل: الفداء، والميلاد الثاني، وتغيير الهوية، وتغيير المكان.

“١٨ لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَل مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، ١٩ وَهُتَافِ بُوق وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، ٢٠ لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ: «وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ». ٢١ وَكَانَ الْمَنْظَرُ هكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ». ٢٢ بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، ٢٣ وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، ٢٤ وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ (يتشفّع، فالأشياء لها أصوات في عالم الروح) أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ. ٢٥ اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ!” (العبرانيين ١٢: ١٨-٢٥).

   شرحت عن الأخرويات (eschatology) سابقًا في سلسلة الرب قريب وأوضحت أن اليهود كانوا مُستنيرين ومُدرِكين جيدًا أن كل شيء على الأرض له نظيره الأصلي في عالَم الروح، فَهُم استخدموا كلمة yerûshâlaimبالمثنى -لكن الآن صارت بالمفرد- بمعنى أن مدينة أورشليم الأرضية هي ما إلّا انعكاس للسماوية، وهذا هو المقصود بكلمة “مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ” أي المدينة السماوية.

    أتعجب اليوم من تعاليم تُقلِّل من هذا المبدأ، فمَن كانوا في العهد القديم أدركوا أن الحياة روحية ويمكن أن نعيش السماء على الأرض، فكم بالحري نحن!

” ٢٢ بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، ٢٣ وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ”

    نحن جئنا لمكان الفرح والاحتفالات المُستمِرة بدون توقف، صرنا كنيسة أبكار وقد تكلمت عنها تفصيلًا في سلسلة بعنوان كنيسة أبكار“.

  • مفاهيم خاطئة عن الخلاص:

الخلاص لا يحتاج لأي إضافات:

     اعتقد البعض نتيجةً لفهم الآيات خطأً أن الخلاص بكثرة استعمال الطريقة، أو إنه يكمن في الطريقة نفسها، وأعني “بالطريقة” أي الوسيلة التي تُستخدَم للاستفادة من الخلاص، لكن هذا غير صحيح، ودعونا نتطرّق لبعض تلك الآيات ونفهم ما تعنيه حقًا.

  • الخلاص بكثرة المُشيرين

“حَيْثُ لاَ تَدْبِيرٌ يَسْقُطُ الشَّعْبُ، أَمَّا الْخَلاَصُ فَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ.” (الأمثال ١١: ١٤).

“مَقَاصِدُ بِغَيْرِ مَشُورَةٍ تَبْطُلُ، وَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ تَقُومُ.” (الأمثال ١٥: ٢٢).

“لأَنَّكَ بِالتَّدَابِيرِ تَعْمَلُ حَرْبَكَ، وَالْخَلاَصُ بِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ.” (الأمثال ٢٤: ٦).

   يتكلّم هنا عن الوسيلة التي بها يُدبّر الملك حلولاً لشعبه أو لقبيلة أو لسبط فكلمة “شعب” مُتشعِّبة المعنى في الأصل. يتحتّم على الملك جمع معلومات من كل القائمين في منصب بالدولة إن كان يريد حل مشكلة ما أو لو كانت البلد في حالة حرب مثلاً، فمثلًا: إن كان سيحارب، فعليه جمع معلومات بخصوص اقتصاد البلد وإن كان قد أرسل جواسيسَ فيتوجب عليه أخذ المعلومات التي جمعوها ليعلم إن كان مُتأهِّبًا للحرب أم لا.

   قرر البعض نتيجة الفهم السطحي للآيات السابق ذكرها أن يتّخذوا لأنفسهم الكثير من المُرشِدين ليجمعوا أكبر عدد من الحلول المُمكِنة والحل يكون بالأغلبية، لكن بالطبع هذا خاطئ وما هو إلّا مضيعة للوقت، هذا باستثناء أنه يمكنك الاستعانة بالرعاية الروحية.

    لا يحتاج الخلاص لمكملات. حتى أبوك الروحي عندما يساعدك فهو سيعمل على توجيهك للاستفادة من الخلاص الكامل الذي تمّ بالفعل داخلك، فإن كانوا المُرشِدين الذين لجأت إليهم وَجَّهوك لتلك الحقيقة فَهُم على حق وعليك تنفيذ ما يقولونه ولكن إن وَجَّهوك لشيء آخر، فأظن أنه يجب عليك مراجعة حساباتك حتى لا تضل الطريق!

    إن فَتَّشت وراء مَن يدَّعون أنهم طبقوا الكلمة أو صلوا ولم يجدوا نتيجة ستجد أن جذر المشكلة هو السعي وراء إجابات مُختصَرة من المُرشِدين الروحيين دون التحلي بالصبر ودراسة الكلمة.

  • الخلاص بكثرة التسبيح:

“٢٥ وَنَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللهَ، وَالْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا. ٢٦ فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ السِّجْنِ، فَانْفَتَحَتْ فِي الْحَالِ الأَبْوَابُ كُلُّهَا، وَانْفَكَّتْ قُيُودُ الْجَمِيعِ.” (أعمال الرسل ١٦: ٢٥، ٢٦).                      

   تَوقَّع البعض أنه كون الرسولان بولس وسيلا عندما سبحا الله ظهر الحل، فهذه هي الطريقة كما لو كان الخلاص لم يأتِ بعد ونحتاج لأمور معينة لإتمامه، حيث اشتهر شعار “بالتسبيح نهزم أعدائنا” وما يُشابه ذلك، فالحقيقة هي أنهما لم يكونا يفكران في حلّ المشكلة بل كانا مُنشغلين بعبادة هذا الإله ومُمعنين النظر على الطبيعة الإلهية والروح القدس الذي بداخلهما، فما حدث هو أن القوة خرجت من الداخل للخارج. أرأيت هذا! شتّان الفرق بين أنك تتوقع ظهور الخلاص من الخارج وبين أن تتوقع خروجه من داخلك.

  • الاعتماد على صلوات الآخرين:

   انتشرت جملة بين المؤمنين في الآونة الأخيرة تقول: “أنا واثق في صلوات الكنيسة”. الجملة في الظاهر بريئة ولكن إن ركّزت ستجد مَن يقولون ذلك، يضعون أمانهم واعتمادهم ليس على الرب بل على عدد مَن يُصلون لأجلهم، بينما هم لا يفعلون شيئًا، فالطريقة الكتابية الصحيحة هي أنك “أنت تُصلي وتطلب من أخوتك أن يتّحدوا معك في مواجهة العيان المُضاد وليس لجعل الرب يتحرّك” وهذا شرحته بالتفصيل في سلسلة الصلاة المستجابة.

    اشتهرت أيضًا بعض الجمل التي يرددها الكثير من الناس ولا يفهمون معناها ألّا وهي “لا تعتمد على قوتك بل دعّْ الأمر للرب” أو “يجب أن تتضع يا فلان لتُحَل مشكلتك”، في الواقع مُرددي تلك الجمل لا يعرفون شيئًا عن الكلمة فهي تقول أننا لدينا الآن القدرة الإلهية لنواجه المواقف وننتصر عليها، فنعم يجب ألّا أوجّه ذهني على قدرتي البشرية بل على الإلهية التي صارت فيَّ أيضًا، هذا ليس تكبُّر بل حقيقة يُقاومها الكثير بتعاليم غير كتابية.

    افهم هذا، أتمّ الرب يسوع كل شيء في الخلاص. التفاتك للرب ولِما صنعه لأجلك أثناء الصلاة أو التسبيح أو العبادة أي أثناء تأدية الطريقة هو الذي يُخرج القوة التي بداخلك بالفعل، إذًا الحل ليس في الطريقة (صلاة، تسبيح،…إلخ) بل التفاتك إلى ما صنعه الرب من خلاص كامل أثناء تأدية الطريقة.

  • نَحُشْتَانَ

“٤ وَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ هُورٍ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ لِيَدُورُوا بِأَرْضِ أَدُومَ، فَضَاقَتْ نَفْسُ الشَّعْبِ فِي الطَّرِيقِ. ٥ وَتَكَلَّمَ الشَّعْبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى مُوسَى قَائِلِينَ: «لِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِنَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ؟ لأَنَّهُ لاَ خُبْزَ وَلاَ مَاءَ، وَقَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ». ٦ فَأَرْسَلَ الرَّبُّ عَلَى الشَّعْبِ الْحَيَّاتِ الْمُحْرِقَةَ، فَلَدَغَتِ الشَّعْبَ، فَمَاتَ قَوْمٌ كَثِيرُونَ مِنْ إِسْرَائِيلَ.” (العدد ٢١: ٤-٦).                                        

   نرى هنا سهولة تحريك عالم الروح، فبمجرد أن شعب الله ثار وغضب جُذِبَت إليه المصائب في الحال، حيث خرجت قوة شيطانية في صورة حيات مُحرِقة، فقرّر الله أن يشير على موسى بأن يصنع حية نُحاسية ويضعها في مكان عالٍ ليكون كل مَن ينظر إليها يُشفَى بعدما يُلدَغ، بالطبع الله لم يشفيهم في الحال لأن الشعب كان يحتاج لضبط ذهنه المُعوَّج بالإضافة إلى أن الرب لا يُجبر أحدًا على شيء.

“٧ فَأَتَى الشَّعْبُ إِلَى مُوسَى وَقَالُوا: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِذْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَيْكَ، فَصَلِّ إِلَى الرَّبِّ لِيَرْفَعَ عَنَّا الْحَيَّاتِ». فَصَلَّى مُوسَى لأَجْلِ الشَّعْبِ. ٨ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْنَعْ لَكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلَى رَايَةٍ، فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا يَحْيَا». ٩ فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلَى الرَّايَةِ، فَكَانَ مَتَى لَدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَانًا وَنَظَرَ إِلَى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا.” (العدد ٢١: ٧-٩).                                           

   مرت الأيام بعد ذلك الحادث وقام شعب الله بالالتفات والانبهار لتلك الحية النحاسية أي عبدوا طريقة الشفاء وحولوها لإله، وتركوا مصدر الشفاء عينه (الرب).

“هُوَ أَزَالَ الْمُرْتَفَعَاتِ، وَكَسَّرَ التَّمَاثِيلَ، وَقَطَّعَ السَّوَارِيَ، وَسَحَقَ حَيَّةَ النُّحَاسِ الَّتِي عَمِلَهَا مُوسَى لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِلَى تِلْكَ الأَيَّامِ يُوقِدُونَ لَهَا وَدَعَوْهَا «نَحُشْتَانَ».” (الملوك الثاني ١٨: ٤).                         

    عندما التفت الناس إلى طريقة حلّ المشاكل وليس المصدر فقدوا الحلّ! حيث نرى اليوم أُناسًا تمسّكوا بطريقة صلاة معينة أو وضعية جسد ما أو درجة الصوت محددة أثناء الصلاة، أو التواصل مع جميع الخدمات طلبًا للمشورة مُرسلين نفس طلبة الصلاة إليهم جميعًا ظانين بهذا أنهم سيجدون حلًا، فكونها جاءت بنتيجة من قبل اعتقدوا أنها هي سبب نجاتهم وليس خلاص يسوع الكامل.

   يجب أن تصل لمرحلة أن الحياة صارت سَلِسَة وسهلة بالنسبة لك ولم تعُد تجهل كيفية السلوك فيها وهذا سيحدث بطريقة واحدة وهي بسماع تعليم نقي.

 انشغالك بأي شيء غير الرب يُهدّد حياتك:

“١٣ هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ». ١٤ أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. ١٥ عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هذَا أَوْ ذَاكَ». ١٦ وَأَمَّا الآنَ فَإِنَّكُمْ تَفْتَخِرُونَ فِي تَعَظُّمِكُمْ. كُلُّ افْتِخَارٍ مِثْلُ هذَا رَدِيءٌ. ١٧ فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ.” (يعقوب ٤: ١٣-١٧).

   يرتبط الشاهد أعلاه بما ذُكِرَ في سِفْر هوشع:

“١ لَمَّا تَكَلَّمَ أَفْرَايِمُ بِرَعْدَةٍ، تَرَفَّعَ فِي إِسْرَائِيلَ. وَلَمَّا أَثِمَ بِبَعْل مَاتَ. ٢ وَالآنَ يَزْدَادُونَ خَطِيَّةً، وَيَصْنَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً مِنْ فِضَّتِهِمْ، أَصْنَامًا بِحَذَاقَتِهِمْ، كُلُّهَا عَمَلُ الصُّنَّاعِ. عَنْهَا هُمْ يَقُولُونَ: «ذَابِحُو النَّاسِ يُقَبِّلُونَ الْعُجُولَ». ٣ لِذلِكَ يَكُونُونَ كَسَحَابِ الصُّبْحِ، وَكَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا. كَعُصَافَةٍ تُخْطَفُ مِنَ الْبَيْدَرِ، وَكَدُخَانٍ مِنَ الْكُوَّةِ.” (هوشع ١٣: ١-٣).                                                           

   اتّسم سبط أفرايم بالتسبيح، التسبيح الذي نَظَّمه داود وأنعشه. أبدى أفرايم رأيه مُتكلِّمًا بلغة الأنبياء، حيث سأتكلم قريبًا عن النبوات التي في هوشع وستُسَجَّل على SN.

   عندما أبدى أفرايم رأيه في شيء كان صوته يُسمَع وله رعدة بين الشعب فقد كان مُؤثِرًا جدًا لسلوكه باستقامة، لكن عندما زاغ وراء آلهة أخرى مات! حينها بدأ الشعب في صُنْع تماثيل وبدأوا في عبادتها، حيث صارت أعمارهم مُعرَّضة للقصف في أي لحظة. هؤلاء القوم الذين قام الرسول يعقوب بتحذيرهم من اتجاههم الذي سيُعرِّض حياتهم للخطر يشبهون تمامًا أفرايم، فَهُم التفتوا لأعمالهم مُتجاهلين هذا الإله مما جعل حياتهم مُعرَّضة للقصف.

“هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ»”

    قَرَّرَ هؤلاء أن يتركوا الكنيسة واتّحادهم مع أخوتهم لمدة عام كامل تحت مُسمَى المشغولية في العمل، أتتخيل أنهم سيتركون النور كل هذه المدة! لأجل هذا نبههم قائلًا: “حياتكم كالبخار وستتلاشى سريعًا” أي لا تثقوا في الغد لأنكم تسلكون خطأ.

“١٥ عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هذَا أَوْ ذَاكَ”

   سأشرح بالتفصيل تلك الآية لأنها دارجة الاقتباس بين الناس، لكن في المرة القادمة.

“١ هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. ٢ غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ. ٣ ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. ٤ هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ.” (يعقوب ٥: ١-٤).                                                       

   يتّضح لنا من الشاهد أعلاه أنهم جعلوا بسلوكهم الخاطئ مفعولَ الموت يعمل في حياتهم، حيث إنهم لم يعبدوا فقط الأصنام التي صنعوها (أشغالهم) بل أيضًا كانوا يأكلون حقوق مَن يعملون معه، لذلك حَذَّرَهم ليتوبوا فلا يُؤذوا من الحيات المميتة التي أطلقوها على حياتهم من خلال سلوكهم.

   تكلَّم الكتاب عن الرب يسوع أنه قُصِفَ من أرض الأحياء مُبكرًا ولكنه تحمّلها عوضًا عنا؛ “مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟” (إشعياء ٥٣: ٨).

    ليس من الطبيعي أن يموت الإنسان في سنّ مُبكر، لكن مات الرب يسوع في سنّ مُبكر ليفتدينا من تلك اللعنة ويرى نسلًا تطول أيامه (إشعياء ٥٣: ١٠). لهذا تكلَّم يعقوب مع هؤلاء مُوضِّحًا لهم أنه لماذا نعود إلى الخطية ونُفعِّل الموت في حياتنا مرة أخرى.

   من هنا نفهم أن ما تفعله من غشّ وعدم أمانة في المال حتى لو في الخفاء له تأثير ولا يمرّ هباءً، فحتى أموالك لها صوتٌ مسموعٌ في عالَم الروح، فإن كانت أعمالك بهذا الشكل، تُبْ سريعًا لئلا تفقد خلاصك.

   يريدنا الله أن نحيا حياة رائعة ونعرف أيضًا مستقبلنا كما فعل الرسول بولس الذي كان يُخطّط لأمور آتية دون الخوف من الموت، فالرب يسوع خلّصنا من لعنة أن حياتنا كالبخار يظهر قليلًا ثم يضمحل.

   عليك أن تتأمل طوال الوقت في الطبيعة الإلهية التي صارت بداخلك، أدْرِك أنك مُقدَّرٌ جدًا بالنسبة للملائكة، فالشياطين ترتعب منك، تعرف الأرواح الشريرة مقامك جيدًا، يتبقى أن تعرف أنت ذلك.

   لا تتخطَ هذا الكلام كمعلومات فقط بل تَأمَّلْ فيها، فإن كنت تستمع لوقت تسبيح في البيت ولكنك مُتشتَّت عن التأمل، اغلقه، وإن لم تكن تستطيع التفكير جيدًا أثناء الصلاة بالروح توقف وتدّرب على التفكير ومن ثم أكمل صلاة بألسنة.

  • وُلِدنا من الكلمة الثابتة غير القابلة للفناء:

   صرنا الآن كمولودين من الله في نفس الشريحة الإلهية فالكتاب يتكلم عن أننا في شركة معه (١ كورنثوس ١: ٩)، (٢ كورنثوس ١٣: ١٤)، فإن كُنَّا في شركة معه فهذا يعني أننا من نفس طبيعته.

“١٨ عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، ١٩ بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، ٢٠ مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، ٢١ أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ. ٢٢ طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ. ٢٣ مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ. ٢٤ لأَنَّ: «كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ، وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، ٢٥ وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا.” (١ بطرس ١: ١٨-٢٥).

    يقول هنا أننا أُنقذِنا وأُفتدينا من أي شيء من الطبيعة البشرية الساقطة المُوروثة من الوالدين من حيث لعنات أو أمراض أو فشل متوارث، حيث يتحدّث هنا بالتحديد عن أنهم لم يعودوا يمتلكوا صفة حُب الطلاق وكسر العهود كما جاءت في الأصل، لأجل هذا تكلَّم الرسول بولس أنه في أواخر الأيام سيحب الناس الطلاق والترك؛ خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ.” (٢ تيموثاوس ٣: ٤).  

   يوجد في بعض الأحيان خطورة في بعض حالات الطلاق، لذلك كان يحكم في تلك الحالات الكاهن في العهد القديم، حيث استعملوا البقرة الحمراء ليعرفوا مَن الذي يكذب عن طريق جعل الطرفين يشربون من لبنها ومَن يتألم في بطنه فهذا هو الكاذب، بالطبع استعملوا تلك الطرق لأنهم لم يكونوا يستطيعون سماع صوت الروح القدس.

   يلفت الرسول بطرس نظرهم هنا أنهم -ونحن أيضًا- الآن خليقة جديدة مولودة ميلادًا حرفيًّا من الله وليس من بشر، حيث جاءت كلمة “زرع” في الأصل اليوناني spora التي تأتي في الإنجليزية         Spermحيوان منوي” فنحن وُلِدنا من الذي لا يفنى أو يتحطم أو ينكسر أو ينحني من الكلمة التي تم تبشرينا بها وقبلناها فوُلِدنا من جديد.

   عُلَّمَ كثيرًا على مرّ السنين أن الروحيات والجسديات شيئان منفصلان عن بعضهما البعض، جهلًا بحقيقة أن عالم الروح وعالم العيان شيء واحد، فكل فعل أو تفكير يؤثر في عالم الروح، لذا لا تعتمد على نفسك في مواجهة المواقف -لكن ليس لأن روحك خَطَّاءة- بل اعتمد على الألوهية التي صارت في روحك لتتحكّم في تفكيرك ومشاعرك.

   تذكَّر أن الرب يسوع جعل المولود أعمى يقوم بأفعال ليستعيد بصره، فالرب لن يُرغم أحدًا على استقبال شيء فالإنسان له دور في ذلك.

  أشجعك تصلي هذه الصلاة على نفسك:

“١٦ لاَ أَزَالُ شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، ١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، ١٨ مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ (أرواحكم)، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ، ١٩ وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ ٢٠ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.” (أفسس ١: ١٦-٢٠).                                      

   لاحظ أن الميراث الغني المجيد بداخلنا نحن القديسين وليس في السماء! ولاحظ أيضًا أنه هنا يتكلم عن أن الرب يسوع قام بنفسه والروح القدس أقامه (رومية ٨: ١١) وأقامه الآب (غلاطية ١: ١)، أي اشترك في قيامته الثلاث أقانيم.

   الطبيعة نفسها التي قام بها يسوع عندما وُلِدَ من جديد كونه صار خطية صارت فيك الآن وجعلتك قادرًا على التحكُّم في نفسك وجسدك ومواجهة أي تحدي والتغلُّب عليه، مجدًا للرب!

  _______

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة  الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$