القائمة إغلاق

أقامنا معه الجزء 2 Raised Us Up With Him – Part

العظة على فيس بوك اضغط هنا

العظة على ساوند كلاود اضغط هنا

العظة على يوتيوب

 

أقامنا معهالجزء 2

  

▪︎ في هذه العظة سنجيب على بعض الأسئلة التي جاءتنا تخصّ الجزء السابق من هذه السلسلة:

☆ مَن هم النفيليم؟

☆ متى صُلِبَ يسوع؟

☆ بداية إبليس، ولِمَا لم يُقيَّد مِن البداية؟

☆ كيف لم يُفارِق لاهوت يسوع ناسوته؟

☆ ما هي الهاوية، ومواصفاتها؟

  • من ينزل إلى الهاوية لا يَصعد.
  • ليس شرطًا أن يموت شخصٌ كي يذهب للهاوية.
  • الهاوية يمكنها التأثير على الأرض.

 

▪︎ هوية إبليس كما جاءت في سِفْري إشعياء وحزقيال.

▪︎ ما حدث لنا بقيامة يسوع:

  • لم يَعُدْ هناك مبدأ السماوات المفتوحة والمغلقة.
  • جاء ليطلُب ويُخلِّص ما قد هلك.
  • أصبحنا مَخرج حياة للآخرين.
  • أصبح الروح القدس متاحًا لنا.
  • انشقّ الحجاب.
  • نَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ.
  • قوة القيامة داخلك تَجعلك تهزم الخوف والحزن الذي سَبَّبه الموت.
  • لا يقدر روح شرير أن يقف أمامك وأنت لديك هذه القوة

 

 

 

هدف هذه السلسلة أن نفهم كيف كانت حالة البشريّة قبل عمل يسوع، وما تأثير هذا العمل على حياتنا الآن. في المرة السابقة تحدَّثتُ معكم عن بعض الشواهد، والتي أريد أن أُوضِّح بعض النقاط فيها؛ حتى أجيب على الأسئلة التي وردتنا.

▪︎ من هم النفيليم؟

   لكي تعرف جذر أي أمر -النفيليم على سبيل المثال- عليك بالرجوع إلى سِفْر التكوين سِفْر البدايات؛ لهذا لنرجع لأول جريمة قتْل في التاريخ في الإصحاح الرابع من التكوين. حدثتْ أول جريمة قتل في التاريخ، بعد السقوط مباشرةً، حيث قتل قايين هابيل، ورغم أن اليوم أيضًا يحدُّث العديد من جرائم القتل لأسباب كثيرة، إلّا أنّ السبب الحقيقي هو الجوع العميق لهذا الإله.

   بعدما قتل قايين هابيل سأله الرب: “أين أخوك؟” فكذب وقال: “لا أعلَّم”، رغم إنه كان يعلّم جيدًا أين الجُثة. فبدأ الكذب أيضًا في الانتشار، وأخذت الخطية تتفشَّى بصورة شَرِسة.

   كما قرأت معكم المرة الماضية؛ “٢٥ وَعَرَفَ آدَمُ امْرَأَتَهُ أَيْضًا، فَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شِيثًا، قَائِلَةً: «لأَنَّ اللهَ قَدْ وَضَعَ لِي نَسْلاً آخَرَ عِوَضًا عَنْ هَابِيلَ». لأَنَّ قَايِينَ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ. ٢٦ وَلِشِيثَ أَيْضًا وُلِدَ ابْنٌ فَدَعَا اسْمَهُ أَنُوشَ. حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ.” (التكوين ٤: ٢٥، ٢٦).

   أوضحت المرة السابقة أن هناك مراجع تشرح هذا الجزء؛ “حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ”، أي إنهم بدأوا في العودة مرة ثانيةً لعبادة الرب والدعاء باسمه، ولكن الحقيقة مراجع أخرى تَذكُر أن هذا الشاهد يعني أنهم ابتدئوا أن يتبجّحوا ويدعوا بشرًا آخرين باسم الرب! وليس فقط أناسًا، بل أشياءً وأصنامًا أيضًا! أي بدأوا يسترخصوا هذا الإله! فبدأت الخطية في الانتشار بصورة أكثر وقاحة وتبجُّح.

    ثم في الإصحاح الخامس والسادس نكتشف أن الأمر ازداد سوءًا وبدأت الأرواح الشريرة تتزاوج مع البشر، وأخرجوا نسلاً غريبًا مُهَجَّنًا هم النفيليم، وهذا أدى إلى تَدخُّل الرب العاجِل بقضاء على الأرض عن طريق الطوفان، ليُنقِذ مَن تبقّوا على الأرض من بشر عاديين غير مُهجَّنين، أو مُختلَطين بعالَم الروح الشرير، فيأتي منهم المسيا.

    هؤلاء هم نوح وعائلته، وبرغم أن عائلة نوح لم تكن كلها بنفس إيمان نوح، لكنهم أُخِذوا بسببه وبسبب أنهم كانوا بشرًا طبيعيين. للأسف حدث أمر النفيليم مرة أخرى بعد نوح في “تكوين ٦” ومازال حتى الآن يوجد محاولات اعتداء من عالم الروح للبشر وهناك أسباب لهذا، لكن هذا ليس موضوعنا اليوم.

 

▪︎ متى صُلِبَ يسوع؟

    جاءنا سؤالٌ آخر هو: هل الرب يسوع ظلّ مصلوبًا ثلاثة أيام؟ الإجابة بالطبع لا؛ لم يصلب يسوع ثلاثة أيام، لكنه ظلّ ميتًا في القبر ثلاثة أيام كاملة. ما تحدَّثنا عنه المرة السابقة هو إنه أُسْلِمَ يوم الأربعاء مساءً وليس الخميس، وحدثت الكثير من المحاكمات غير الشرعية في الليل وليس في وضح النهار. حدثت محاكمة تلو الأخرى، وعندما تنظر لموقع المحاكمات ستجدها في مدينة أورشليم.

    كان حَدَثًا ضخمًا شعرت الأرواح الشريرة بالانتصار. أخيرًا وقع هذا الإله في أيدينا! أخيرًا نستطيع السيطرة عليه، بدأت الأرواح الشريرة تُجمِّع نفسها في كل الأماكن لتُثير الشغب، فجمّعوا أنفسهم بكل قوة مُمكِنة كي يَخرُج يسوع من محاكمة لأخرى ليصل إلى الصَلب. كان هذا في بداية يوم الخميس فجرًا، وبهذا قضى يسوع ثلاثة أيام ميتًا كما ذكر الكتاب.

   ربما تسأل إذًا لِما نحتفل بخميس العهد؟! هذا عُرْف أطلقته الكنيسة وصار مألوفًا ولا يوجد مشكلة أن تَحتفِل في هذه المواعيد.

   لماذا نشرح هذا الكلام إذًا؟ لأن هذا يَرُدّ على مَن يطعن في صحة الكتاب المقدس ويقول: ذُكِر أن يسوع سيقوم بعد ثلاثة أيام وثلاث ليالي ولكن إن كان يسوع قد أُسلِمَ يوم الخميس فهو لم يَظلْ ثلاثة أيام وثلاث ليالي! فنحتاج أن نشرح هذه النقاط بوضوح.

    نحتاج أن ننظر إلى العادات والتقاليد اليهودية، وأن نضع الكتاب فوق الجميع. ذُكِرَ في قصة يونان النبي عندما كان في بطن الحوت، إنه ظلّ ثلاثة أيام وثلاث ليالي. البعض يحاول التحايُّل على الشاهد ويقول إن هناك اختلافًا في الأيام اليهودية عن هذا الوقت، لكن هذا غير دقيق.

 

▪︎ إبليس وبدايته:

    لنرى بعض الشواهد الأخرى الهامة؛ كُلمَا عرفت عن قوة القيامة ستظهر هذه القوة في حياتك الشخصية. هناك انعكاس بين مدى إدراكك ومدى اختبارك!

    “لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.” (يوحنا ١٤: ٣٠).

   سَمَحَ الرب يسوع للموت أن يَعبُر له بإرادته وإلّا لم يكن ليقدر أن يَمَسه. الموت هو: عدم وجود النور الإلهي بشكل فعّال.

    يقول الكتاب: “إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.” (المزامير ١٣٩: ٨). إذًا يوجد الرب في كل مكان حتى في الهاوية، فهو المالك الحقيقي لكل شيء، لكن في الهاوية لا يوجد تأثير لحضور الله، فهذا المكان مُخصَّص لِقضاء إبليس. دعني أضرب لك مثلاً: شخص يمتلك مكانًا ما باسمه، ومعه أوراق رسمية تُثبِت هذا، لكن هناك شخص آخر يسكن هذا المكان ويحتكره.

  أُطلِق على الملائكة أبناء الله، هم ليسوا أبنائه بالطبيعة مِثْلنا لكنهم أولاده بالخَلْق، فَهُم مخلوقات الله، لكنهم لَم يأخذوا طبيعته. كان إبليس ملاكًا ضِمن ملائكة الله، بل وكان أعلى رتبة في الملائكة، فَفَكَّر في نفسه أن يكون أعلى رتبةً من الله شخصيًا! فَكَّرَ أن يُصعِد كرسيه فوق كرسي الله، وهنا لا يقصد الكرسي الحرفي لكن المنصب والسيادة.

   سقط إبليس في هذه اللحظة وطُرِدَ مِن السماء هو ومن تَبِعَهُ من الملائكة، وصار إبليس كائِنًا مُظلِمًا ميتًا. لا يَقصد هنا الظُلمة الحرفية، لكن عدم الاتّصال بالله، فوُضِعَ في مكان الانتظار له ألّا وهو الهاوية، وصارت الأرض خَرِبة بعد هذا القضاء.

    كان إبليس في الهاوية يحاول جاهِدًا أن يجد عملاً في الأرض لكن لا مجال لهذا، لأن الأرض كانت بالفعل خَرِبَةً، ثم فُوِجئ أن الأرض يُعاد خلقها من جديد، يَذكُر الكتاب أن الملائكة كانت تُرنِّم عندما خلق الله الأرض: “عِنْدَمَا تَرَنَّمَتْ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ مَعًا، وَهَتَفَ جَمِيعُ بَنِي اللهِ؟” (أيوب ٣٨: ٧). إذًا خُلِقَت الملائكة قبل الخليقة وقد شاهدتْ خلقها.

   كان إبليس يتدرَّب على كائن يشبه آدم قبل سقوطه، لكنه ليس آدم الذي نعرفه، شرحت هذا باستفاضة في مقالة “غرض الله للإنسان شراكة“. فرأى إبليس أن هناك كائِنًا غريبًا كان يتدرَّب على مِثله من قبل، اسمه آدم. يَذكُر لنا الوحي أنّ الرب قال: “اصنع آدم؛ أي هذا الكائن المعروف اسمه آدم -آدم قادمة من دمّ- سأخلقه على صورتي هذه المرة” ولهذا نرى بعض الحفريّات شبيهة بالإنسان -هذا ليس تطوّرًا لكنه خَلْقٌ- وجعل الله هذا الكائن تحته مباشرةً وليس تحت الملائكة.

    حينئذ بدأ إبليس ينبهر ويقول مَن هذا الإنسان؟! وبدأ محاولة السيطرة عليه وعلى الأرض من خلاله، فحاول إغواء حواء. ونفس الاستراتيجية التي استخدمها إبليس كي يغوي حواء هي نفسها يستخدمها اليوم ليغوي باقي البشر.

   “وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟»” (التكوين ٣: ١).

   كيف بدأ إبليس يغوي حواء؟ بدأ إبليس بسؤال حواء سؤالاً مُوجَّهًا، أي سؤال يعرف إجابته مُسبَقًا، هذا كي يفتح معها حوارًا يصل من خلاله إلى مدخل فيكذب عليها، فسألها: “أحقًا أخبركما الله ألّا تأكُلا من كل شجر الجنة”. لاحظ قال كل وليس بعض وهذا كي تَرُّد حواء بالنفي فيحصرها في أن تَذْكُر شجرة معرفة الخير والشرّ، وأنها الوحيدة التي منعهم منها ثم يبدأ الخداع.

   شَرَحتُ من قَبل أن شجرة معرفة الخير والشر ليست شجرة شريرة، وليست هي سبب المصائب كما يَعتقِد البعض، فلا تُشخِّص الأمر بشكل خاطئ، ولا تكرهها فهي شجرة المعرفة. في النهاية سَيطَر إبليس على الكرة الأرضية من خلال الإنسان ووضع سُمّه فلدغ الإنسان.

    كيف يلدغ إبليس الإنسان؟ بالطبع ليس بشكل حرفي ولكن بقبول أفكاره! هذا ما شرحه يعقوب؛ “١٤ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ١٥ ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا.” (يعقوب ١: ١٤، ١٥).

  “انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ”؛ كيف يُخدَع الإنسان؟ بقبوله فكرة كاذِبة. لاحِظ هي عملية مُرتَّبة! كي تُخطِئ تبدأ بفكرة! سَيطَر إبليس على الأرواح الشريرة في الهاوية، وسكن أيضًا في الحيوانات، ولكن الحيوانات لن تفييده، هو يريد اليد العُليا في الأرض وهو الإنسان، وهذا كي يُسيطِر ويَملُك من خلاله، فاختار إبليس الحية كي يدخل من خلالها ويُحاوِر الإنسان لأنها كانت أحكم وأذكى الحيوانات.

    شَرَحَ الرب يسوع لنا أنه عندما يَخرُج روح شرير من إنسان، يجدّ الأرض قاسية، فهو يريد أن يشبع ويرتوي بالشرّ ويكون داخل جسد.

    بدأ يَحدُّث تفاعل من البشر مع الأرواح الشريرة، لإنتاج نسل مُهجَّن كما شرحت مسبقًا.

    مَنفَى إبليس هو الهاوية لكنه يستطيع التحرُّك في الأرض، فإبليس لم يتمّ سَجْنه قطعًا بعد، لكن سيَحدُّث هذا مُستقبَلاً كما ذُكِر في (رؤيا ١٩، ٢٠). باختصار سيَحدُث الاختطاف ثم سبع سنين الضيقة وبعدها سننزل لنَملُك مع الرب يسوع في المُلك الألفي والتي وقتها سيكون إبليس مُقيَّدًا.

○ لماذا لم يُقيِّد الله إبليس من البداية؟

    هذا السؤال يدور في ذهن العديد من المؤمنين. لِماذا يا تُرَى لم يُقيِّد الله إبليس من البداية؟ الإجابة: لأن إبليس كان مَلاكًا مُعيَّنًا لخدمة البشر، فلا يقدر الله أن يُنهي عليه إلا بإذن من البشر، لا يمكن لله تخطي إرادة الإنسان في القبض عليه.

    ربما تتساءل لكن ماذا عن البشر الذين سيهلكون بسبب هذا الأمر؟! لأجيبك دعني أولاً أسألك: لِما لا نُنهِي استخدام السيارات؟ ألّا يَحدث بسببها الكثير مِن الحوادث؟ ألّا يموت الكثيرون بسببها؟! أليس إن توقَّفنا عن استخدام السيارات سننتهي من هذا الشرّ؟! بالطبع لا، أليس كذلك! هناك الكثير من الفوائد للسيارات لن ننهيها بسبب بعض الحوادث، إذًا ما الحلّ؟ الحلّ أن نضع قوانين مرور وقوانين في القيادة، من يتَّبعها سيتمتَّع بفوائدها، لكن من لن يفعل لن تكون الأمور في صالحه.

    بالمِثْل لن تمنع الخير بسبب الشر، إن ألغيت هذا القانون الرائع، بالطبع سأُؤذي من كان سيستخدمه بصورة صحيحة، ولهذا وَضَعَ الله كلمته من البداية ليحجب الموت عن الناس، وبالتالي هو لم يُخطئ بالاستمرار في خطته.

 

▪︎ نزل يسوع الهاوية ولكن لاهوته لم يفارق ناسوته:

  إنّ نزول يسوع إلى الهاوية هو مشكلة لدى البعض، لكنه مُثْبَت كتابيًا، وعُلِّمَ به من الأبائيات حتى عام ٢٥٠م قبل دخول الهرطقات. هذا التعليم مُسجَّل وموجود لدى مَن توارثوا التعليم من التلاميذ، أن يسوع مات موتًا روحيًا أيضًا.

   هل لاهوت يسوع فارق ناسوته؟ بالطبع لا. ما هو الناسوت من الأساس؟ الناسوت هو بشريّة يسوع. بشريّة يسوع لم تكن روحًا أخرى إنسانية، لكن النفس البشرية أُعِطيت له على روحه الأصلية، وتلك النَفْس هي جعلته بشريًّا، هو روح واحدة (الله الابن).

١٧ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، ١٨ وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ.” (رؤيا ١: ١٧، ١٨).

    لنرى عبر الكتاب لقطات عن الهاوية، فهي أقذر مكان حرفيًا.

    يُخبِرنا بطرس بعدما امتلأ بالروح القُدس؛ “٢٣ هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. ٢٤ اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. ٢٥ لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. ٢٦ لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. ٢٧ لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا.” (أعمال الرسل ٢: ٢٣-٢٧).

    هذا الكلام مفهومٌ لدى اليهود، فكل مَن يذهب إلى الهاوية لا يعود ولا يمكن استرجاعه. أصبح مكان نهايته لكن يسوع ذهب وعاد، هللويا! في العهد القديم من مَشوا مع هذا الإله كانوا في ركن من الهاوية، هذا الركن كان مَحميًّا، نرى هذا في قصة الغني ولعازر.

 

▪︎ الهاوية وصفاتها؟

  “١٩ «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا. ٢٠ وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ، ٢١ وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. ٢٢ فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، ٢٣ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، ٢٤ فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ. ٢٥ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. ٢٦ وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. ٢٧ فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، ٢٨ لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. ٢٩ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. ٣٠ فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. ٣١ فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».” (لوقا ١٦: ١٩-٣١).

    الهاوية هي حُفرة يهوى فيها الشخص، الهاوية هي سطح الجحيم، ليس لها نهاية فنهايتها هي الجحيم، وعندما قال الرب يسوع أبواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة؛ أي أعمق شيء في الهاوية -مركز إبليس، كل الرُتب الشيطانية! الكنيسة أعلى منهم جميعًا، هللويا!

    “أبواب الجحيم”: إذًا الجحيم له بابٌ. كأنك وضعت يدك على نار، ذهب يسوع هناك ناقِضًا أوجاع الموت (أعمال ٢٤:٢). لفظ “أوجاع” هو ذات اللفظ اليوناني لكلمة “يتعذَّب” المُذكورة في الشاهد السابق.

    ذاق يسوع هذا لأجلك ولأجلي! إن كنت غير مُتقبِّل هذه الفكرة، صلِّ وعاود دراسة الكلمة في هذه الزاوية تحت قيادة الروح القدس. يوجد من لا يقبل موت يسوع الجسدي من الأساس، لكنك قبلته بسهولة! هذا لأنك سمعت عنه منذ طفولتك، لكن هذا الأمر صادمٌ للبعض وتجدهم يردِّدون؛ “حاشا لله أن يموت!!” لكنك تقبَّلته قائلاً: يسوع ليس ضعيفًا، لكنه فَعَلَ هذا لأنه أحبني، هكذا نزول الرب للهاوية، كان لهذا السبب.

    ربما تقول: لكن موت يسوع الروحي منطقة خطيرة! من الأساس لا يُمكِن أن يُخترَق جسد الرب يسوع موتًا، إلا إنْ سمح للموت الروحي أولاً أن يَدخُل جسده (لاحظ الرب يسوع هو مَن سمح بهذا). إن لم يسمح الرب يسوع، لم يكن للموت أن يقترب منه البتة! لكن مجدًا للرب، سمح يسوع بقانون الموت أن يَسري فيه روحيًا، ونفسيًا، وجسديًا من أجلك ومن أجلي، هُزِمَ مَن لا يُهزَم، هُزِمَ الموت!

    قال الرب يسوع لمريم المجدلية: “لا تلمسيني فأنا لم أصعد بعد لأبي”، إذًا أين كان يسوع؟ لم يكن في الفردوس كما يقول البعض؛ فهو قال: “لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي”، فهو لم يكُن مع الآب بعد بل كان في الهاوية؛ “قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ».” (يوحنا ٢٠: ١٧).

    هذا كان نظامَ رئيس الكهنة في العهد القديم، لا يُمكِن للكاهن أن يلمس ميتًا، حتى إن كان عزيزًا عليه، فإن ماتت زوجة رئيس الكهنة شخصيًا، لم يكن ليقدر أن يلمسها قبل أن يُقدِّم الذبيحة، فلا يمكنه مَساس شيء ميت.

     كان يسوع صاعدًا إلى الآب ليُقدِّم ذبيحة دم نفسه، ذبيحة خطية عن الشعب كله. للدقة هو قال لمريم: “كُفي عن لمسي”، كما جاءت في الأصل؛ “وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.” (متى ٢٨: ٩). لكن بعدما صعد إلى الآب ونزل قال لتوما: “الْمسني كي تتأكد أني أنا هو”، انتهى كل شيء.

    إذًا عندما لمسته مريم أخبرها كُفي عن لمسي، لأنه سيصعد إلى الآب ليُقدِّم ذبيحة دم نفسه، وعندما انتهى عاد، فأصبح مُمكِنا أن يلمسه التلاميذ، ويسوع نفسه أخبر توما أن يلمسه. والنقطة التي أريد إيضاحها هنا أنّ يسوع لم يكن عند الآب لكنه كان سيصعد إليه، هو كان في الهاوية.

    كما ذَكَرَ في (عبرانيين ٩)؛ “٢٤ لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا. ٢٥ وَلاَ لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ إِلَى الأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ. ٢٦ فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ. ٢٨ هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.” (العبرانيين ٩: ٢٤-٢٦، ٢٨).

    قَدَّمَ يسوع نفسه ذبيحة دَفْع الثمن، ليس لإبليس، إبليس لا يُدفَع له شيءٌ، لكن لله كي يتمِّم العدالة السماوية، وبهذا الحق الرسمي يمكنك أن تقول لإبليس أن يذهب فيذهب وذلك بسبب إدراكك لما أتمّه يسوع!

    لم يكن أحدٌ في العهد القديم يقدر أن يُخرِج أرواحًا شريرة، ولكن استطاع التلاميذ أن يفعلوها بسبب سلطان يسوع، وهذا السلطان لنا الآن! نحن لسنا في مرمى بصر أو عُرضة لسهام إبليس. نعم يوجد سهام، لكن نستطيع إطفاءها وهي مُشتعِلة، مجدًا للرب! تقدر أن تأمُر إبليس أن يذهب من حياتك ولا يمكنه إلا أن يخضع لأوامرك ويهرب!

    لنُكمل: نزل يسوع الهاوية إلى منطقة الخطاة وليس منطقة إبراهيم. يوجد فاصل بين المنطقتين (هوة عظيمة) وكان العالم الروحي يتفرّج على ما يحدث؛ “١٦ وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا.” (لوقا ١٦: ٢٦).

   “فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ.” (لوقا ١٦: ٢٢).

    في بعض الأحيان تجد أناسًا تصرخ بشدة وهي تموت. ذلك لأنها ترى أرواحًا شريرة تجتمع عليها، تسمعهم يقولون: إني أرى أشياءً سوداء، بالطبع هذا ليس مقياسًا، فهناك من يبتسمون وهم يموتون ويذهبون للجحيم، ليس شرطًا.

     لكن هذا يُفسِّر لك أحيانًا لِماذا هناك من يموتون بسلام وآخرون بعنف، فالأرواح الشريرة تكون مُنتظِرة أشخاصًا عاشت طوال حياتها مِلكًا لإبليس، ومن الممكن أن هذا الشخص قَبِلَ يسوع بعض الوقت، ثم رفضه أخيرًا فصار مِلكًا لإبليس.

    ذُكِرَ في رسالة يهوذا النزاع الذي حدث على جسد موسى، بين الأرواح الشريرة التي تُحاوِل أخذ روحه، وبين الملائكة المُخصَّصة أن تُحضِر الروح إلى المكان الذي أخذت أوامر عليه، فعلى حساب الدم في ذبائح العهد القديم لا يمكن اقتراب الأرواح الشريرة من الأرواح التابِعة للرب، كم بالحري الآن إبليس انتهى أمره تمامًا ولا يمكنه الاقتراب بعد ما فعله يسوع!

    حضن إبراهيم ليس معناها حضنًا حرفيًا، كما سبق وشرحت بل هي غُرفة يجلس فيها الأشخاص على طاولة مُجتمِعين، كل شخص مُرتكِز على الطاولة ويرتكز بطريقة ما، بحيث من ينظر من الخارج يرى كل شخص كأنه يحضن الآخر، والكل في حضن إبراهيم بنفس الطريقة.

    “٢٧ فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، ٢٨ لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. ٢٩ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ.” (لوقا ١٦: ٢٧-٢٩).

    لاحظ كلمة الله أقوى كثيرًا جدًا من أن يقوم مئة ميت! ربما تعتقد أن الآيات والعجائب ستجعل الناس يُؤمنون، لكن الكلمة تُوضِّح إنه ولو قام شخصٌ من الأموات، لن يصدِّقوا طالما لم يصدقوا الكلمة.

    “٣٠ فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. ٣١ فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».” (لوقا ١٦: ٣٠، ٣١).

    لاحظ أيضًا هذا الشخص ذهب الهاوية؛ لأنه لم يصدق، وليس لأنه كان غنيًا. قيل له أنت استوفيت خبراتك، أنت حييت من الأساس بمبادئك الشخصية وخبراتك، ولم تُصدِّق مبادئ هذا الإله برغم أنك ابنًا لإبراهيم. تَذكُر بعض المراجع أن هذا الشخص من أقارب الرب يسوع، إن لاحظت ذكر الرب يسوع اسم الفقير لكنه لم يَذكُر اسم الغني؛ لأنه كان معروفًا آنذاك.

    إذًا يوجد هوة بين حضن إبراهيم وبين الهاوية، مكان حضن إبراهيم هو فوق أما الهاوية فأسفل، هذا يتعزى وذاك يتعذب، وكأن منطقة إبراهيم معزولة بالحماية (مُكبسَلة).

○ من ينزل إلى الهاوية لا يصعد:

    لننظر بعض الآيات الأخرى عن الهاوية المكان الذي خطاه يسوع لأنه يعزّك بقوة!

     “السَّحَابُ يَضْمَحِلُّ وَيَزُولُ، هكَذَا الَّذِي يَنْزِلُ إِلَى الْهَاوِيَةِ لاَ يَصْعَدُ.” (أيوب ٧: ٩). كما ذَكَرت اليهود يعرفون جيدًا إنه بنزول شخص إلى الهاوية، لا يمكن رجوعه مرة أخرى.

    استنار أيوب بقوة الروح القدس عن الهاوية، وكان أيوب يعيش في زمن إبراهيم نفسه، كما كان بينهما صلة قرابة، ليس موسى فقط من تَحدَّث عن الأمر.

    نزل يسوع إلى الهاوية، هل يعني هذا ذهاب يسوع وعدم رجوعه؟! أو هو اثنين مثلاً، أو ذهابه هذا قَلّلَ من قيمته؟ قطعا لا! يسوع هو الكلمة الخارِجة، إن أردت أن تستوعب هذا بذهنك البشري، دعني أخبرك مِثالاً يُقرِّب لك الأمر:

    إن كنت تسمع صوتي الآن خلال البث المباشر في البيت، فصوتي ذهب لك في البيت، ولكني في مكاني لم أتزحزح. أو إن كنت في آخر القاعة تسمع صوتي بوضوح خلال الميكروفون. الشيء نفسه في القنوات الفضائية؛ فتستطيع سماع الكثير من الناس في البلدان الأخرى، وأنت لست بجوارهم الفكرة نفسها في موضوع الأقانيم.

ليس شرطًا أن يموت شخص ليذهب للهاوية:

    لنرى قصة بني قورح، بني قورح هم أُناسٌ تذمَّروا على اختيار الرب لموسى ليقود الشعب، وبدأوا يقولون: نعرف أن نسمع صوت الرب أيضًا، لِما موسى مَن تمَّ اختياره؟ فَرَدَّ موسى عليهم بالآيات الآتية.

   “٢٦ فَكَلَّمَ الْجَمَاعَةَ قَائِلاً: «اعْتَزِلُوا عَنْ خِيَامِ هؤُلاَءِ الْقَوْمِ الْبُغَاةِ، وَلاَ تَمَسُّوا شَيْئًا مِمَّا لَهُمْ لِئَلاَّ تَهْلِكُوا بِجَمِيعِ خَطَايَاهُمْ». ٢٧ فَطَلَعُوا مِنْ حَوَالَيْ مَسْكَنِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ، وَخَرَجَ دَاثَانُ وَأَبِيرَامُ وَوَقَفَا فِي بَابِ خَيْمَتَيْهِمَا مَعَ نِسَائِهِمَا وَبَنِيهِمَا وَأَطْفَالِهِمَا. ٢٨ فَقَالَ مُوسَى: «بِهذَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي لأَعْمَلَ كُلَّ هذِهِ الأَعْمَالِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِي. ٢٩ إِنْ مَاتَ هؤُلاَءِ كَمَوْتِ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَأَصَابَتْهُمْ مَصِيبَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ، فَلَيْسَ الرَّبُّ قَدْ أَرْسَلَنِي. ٣٠ وَلكِنْ إِنِ ابْتَدَعَ الرَّبُّ بِدْعَةً وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلَعَتْهُمْ وَكُلَّ مَا لَهُمْ، فَهَبَطُوا أَحْيَاءً إِلَى الْهَاوِيَةِ، تَعْلَمُونَ أَنَّ هؤُلاَءِ الْقَوْمَ قَدِ ازْدَرَوْا بِالرَّبِّ».” (العدد ١٦: ٢٦-٣٠).

    لاحظ “هَبَطُوا أَحْيَاءً إِلَى الْهَاوِيَةِ”، إذًا مِن الممكن أن يهبط شخصٌ للهاوية بجسده، هؤلاء القوم ازدروا بالرب وبموسى، وهنا لم يكن الأمر مُتعلِّقًا بموسى فقط، ولكن بكل من يستهين برجال الله والرعاة. حتى إن كنت مُختلِفًا مع بعض الخدام، إياك وأن تستخف بهم! فأنت في هذه اللحظة تستهين بالرب شخصيًا! إن كانوا يسيرون بطريقة غير مُستقيمة ليس دورك أن تحكُم عليهم، لهم الرب، من أقامك قاضيًا عليهم؟!

   ذُكِرَ أيضًا الآتي في الرسالة إلى العبرانيين؛ “٢٧ وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ، ٢٨ هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.” (العبرانيين ٩: ٢٧، ٢٨).

    لاحظ قصة بني قورح نزلوا أحياء إلى الهاوية، بينما في الشاهد السابق يَذْكُر أنه يجب أن يموت الشخص مرة أولاً ثم بعد ذلك الدينونة، إذًا هل كُسِرَ هذا القانون الروحي؟ بالطبع لا، لكن هنا يتحدّث بالخصوص عن رئيس الكهنة الذي كان يدخل مرةً كل سنة إلى الأقداس، لكن يسوع دخل مرة واحدة وصنع فداءً أبديًا. فلا نحتاج تكرار هذا مرة أخرى.

     يتحدَّث أيضًا عن حُكْم الموت ليس فقط الموت الجسدي، لكن بالأحرى الموت الروحي، والذي يؤدي للموت الجسدي، يقول الإنسان إن مات سيموت مرة واحدة فقط، فإن كان الإنسان يموت عدة مرات، كان سيضطر يسوع أن يموت عدة مرات أيضًا.

    بما أن الإنسان يموت مرةً واحدة وليس عدة، أيضًا قُدِّمَت ذبيحة يسوع مرةً، ولا نحتاج تكرارها، هو لا يَتحدَّث أنه شرطًا أن يموت الشخص لأجل الدينونة، أشرح هذا لأنه من الفهم الخاطئ لهذه الآية بدأت الناس تتساءل، كيف سنُختطَف أحياء! فإننا إن لم نَمُت، لا دينونة، بالتالي لا يوجد اختطاف، فرَدَّ عليهم بولس وبدأ يعطي تعليمًا أنه سيتم الاختطاف لأناس أحياء، مثلما نزل بني قورح أحياء إلى الهاوية، يمكن اختطافنا أحياء.

○ حيث الهاوية لا يوجد حمدٌ:

    “لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَوْتِ ذِكْرُكَ. فِي الْهَاوِيَةِ مَنْ يَحْمَدُكَ؟” (المزامير ٦: ٥).

هذا المكان ليس به حمد على الإطلاق، هو مكان مُظلِم للغاية.

○ الهاوية يمكنها التأثير على الأرض:

    “حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي.” (المزامير ١٨: ٥). لاحظ يوجد حبال في الهاوية، لها ذراع تسحب به الشخص، شَرَحَ داود أن هناك قوة كانت تحاول سحبه لكن الرب أنقذه؛ “يَا رَبُّ، أَصْعَدْتَ مِنَ الْهَاوِيَةِ نَفْسِي. أَحْيَيْتَنِي مِنْ بَيْنِ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ.” (المزامير ٣٠: ٣). 

    “فَفَتَحَ بِئْرَ الْهَاوِيَةِ، فَصَعِدَ دُخَانٌ مِنَ الْبِئْرِ كَدُخَانِ أَتُونٍ عَظِيمٍ، فَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَالْجَوُّ مِنْ دُخَانِ الْبِئْرِ.” (رؤيا ٩: ٢).

   في هذا الشاهد صعد دخان من أين؟ من الهاوية، مُتَّجِهًا إلى الأرض، لم تعلم الناس أن هذا الدخان مصدره الهاوية، هي فقط رأت ظلمة في الأرض، إذًا الهاوية ليست فقط مكانًا يتمّ الذهاب إليه، لكنه أيضًا مكانٌ يُؤثِر على الأرض! 

    الهاوية مكانٌ يوجد به حبال وملئ بالدود مثل الجحيم. إن كنت مُتضايقًا، وتشعر أنه لا يمكن أن يحدُّث هذا مع يسوع وأن هذا غير لائق به، فبالأولى كثيرًا أن تُحوِّل هذا الإعلان إلى شُكْر عميق لأجل كل ما مَرَّ به ربنا يسوع لأجلك؛ لأنه يحبك! هو أحبك بصدق. لم يبالِ بكل هذا؛ لأنه وجد كنزه. وجد كنزًا ثمينًا، فاشترى الحقل كله لأجله، هذا الكنز أنت! أنت حبيب يسوع.

 

▪︎ هوية إبليس كما جاءت في سِفْرا إشعياء وحزقيال:

   في سِفْر إشعياء يتحدَّث أن إبليس كان موجودًا في جنة عدن، وكان في قيادة التسبيح، هذا الكلام غير مُتوفِّر في إنسان، هنا هو يتحدَّث بعد آلاف السنين من هذه الحادثة:

   “الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ، ضَرْبَةً بِلاَ فُتُورٍ. الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ، بِاضْطِهَادٍ بِلاَ إمْسَاكٍ. ٧ اِسْتَرَاحَتِ، اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّمًا. ٨ حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ، وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلاً: مُنْذُ اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْنَا قَاطِعٌ. ٩ اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ، لاسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ، مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ، جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. ١٠ كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ ١١ أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ. ١٢ كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ ١٣ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. ١٤ أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. ١٥ لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ. ١٦ اَلَّذِينَ يَرَوْنَكَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ، يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ.” (إشعياء ١٤: ٦-١٦).

“مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ”: أخيلة أي أرواح.

 “أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟”

    كان هناك أخيلة تفاجأت به، كانوا يعتقدون أن إبليس سينقذهم ويخرجهم مما هم فيه. من بينهم أُناسٌ كانوا عظماء في الأرض، يقولون كنا نعتقد أنك قويٌّ، كيف ضعفت هكذا!

    “رَنَّةُ أَعْوَادِكَ”: إبليس كان عازِفًا ومُسبِّحًا ماهِرًا. الموسيقى التي تسمعها ليست عادية، كل موسيقى تُوصِّل لك شيئًا، إن كنت تستمع إلى موسيقى عالمية، أنت تتفاعل مع عالَم الروح، هذا من أحد وسائله الفعّالة.

    هناك من يعتبر الموسيقى انتهت في العهد الجديد، هذا بسبب ما ذُكِرَ في الرسالة إلى أفسس عن الترتيل والترنيم في القلب؛ “مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ.” (أفسس ٥: ١٩). لا تنسَ أن طالما الموسيقى كانت قبل السقوط، إذًا هي غير مُتعلِّقة بالسقوط، هذا ليس فِكْرَ عهد قديم فقط.

    “تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ”؛ أي الدود يغطيك، من يدخل هذا المكان يُغطَى بالدود لتعذيبه.

   “يَا قَاهِرَ الأُمَمِ”؛ ما يُضعِف اقتصاد أممٍ هو إبليس، هو من أدى بالناس إلى الموت. غلب يسوع كل هذا. الكنيسة هي الوحيدة التي يمكنها الاستفادة بهذا الانتصار الضخم، وهنا على الأرض ليس عندما يُقيَّد إبليس ألفَ سنةً (سيُقيَّد إبليس ألفَ سنةً ثم يُقيَّد ثانيةً ويُطرَح في الجحيم) ما صنعه يسوع كافيًا جدًا كي تحيا في انتصار.

    “وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ.” (متى ١١: ٢٣).

    قال يسوع عن كفرناحوم يا مَن ترين نفسك عالية ستهبطين للهاوية، لِما؟ لأنه للأسف صُنِعَ بها الكثير من الآيات العجائب ولكنها رفضت يسوع، ليس بشيء هين أن يرى شخصٌ عمل الروح القدس في حياته بقوة ثم يرفضه! هو بذلك يُهبِط نفسه إلى الهاوية.

    لنرى ما فعله يسوع: “١٣ وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أَحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا، ١٤ إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ، ١٥ إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ.” (كولوسي ٢: ١٣-١٥).

     “جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ”: أي نَزَعَ قوتهم، قام بِشلَّهم تمامًا، كسر شوكة الموت ولدغته، عمل موكبًا وفَضَحهم تمامًا. عندما كنت صغيرًا كنت أتساءل، أمام من فَضَحهم؟ من رأي هذا الحدث؟ وبعدما درست الكلمة أدركت أن تمّ فَضْحهم أمام جميع الناس الذين في حضن إبراهيم، وأمام الملائكة، فرأوا وانبهروا بما حدث! ونحن أيضًا يُمكِننا أن نرى ما حدث من خلال الكلمة.

    نزل يسوع إلى عُقْر دار إبليس، وهذا المكان سيُقيَّد فيه إبليس ألفَ سنة. هو مكان إدارة الشرّ، ينزل إبليس إلى هذا المكان ويعود للأرض، يحاول إنهاك الأرض سواء ماديًا، صحيًا، أو عبْر خطايا وصُنْع كثير من أعمال الشغب، فهو يحاول وَضْع كرسيه في الأرض وأخذ موضع سيادة فيها.

    يعمل إبليس بطرق كثيرة في الأرض، ليس وقته أن أتحدَّث عنها، ولكن إحدى طُرقه هي التكتُّلات. فمثلاً يرى مجموعة من الناس تحب العلوم وقابِلة للإلحاد، فيجعلهم يشربون من هذا، آخرون مُتديّنون، يعطيهم في الوثنية. لإبليس خططٌ، يرى كل فئة من الناس، ويحاربهم بفِكْر معين. كما إنه يحب التجمُّعات الشريرة، ويضع لهم رياسات، هو يُهيئ لكي يضع نظامَ الوحش ويرأسه، اعلمْ أن أي تجمُّعات ورائها قوة.

    نصلي دائما من أجل أي شيء مسبقًا، قبل أن يُؤثِر على الكنيسة، لكن هناك تكتُّلاً نهائيًا سيَحدُث، وستحدُث معاهدة السلام، وسيتم ما كُتِبَ عنه في (دانيال ٩)، (إشعياء ٢٨) ما سُمِيَّ بعقد الهاوية، وبعدها سيتم الاختطاف. نعود إلى الموضوع الرئيسي، أسلم يسوع نفسه بإراداته للموت، فاعتقدت الأرواح الشريرة أن أمره انتهى بوقوعه في أيديهم.

   بعض المخطوطات تسرد أن بيلاطس أرسل جوابًا يسأل فيه مُتعجِبًا: “كيف مات يسوع بهذه السرعة؟” فعندما جاء الجنود ليكسروا عظام المَصلوبين كي يموتوا، كان بالفعل يسوع قد مات، فهو مات سريعًا من هول ثِقْل الخطية التي وُضِعَت عليه، كان مفعول الخطية يعمل فيه.

    لم يذهب يسوع إلى الفردوس بعدما أسلم الروح مباشرةً كما يعتقد البعض، فعندما أخبر يسوع اللص الذي كان بجانبه على الصليب، أن اليوم سيكون معه في الفردوس، ففي الأصل تأتي ها أنا أقول لك اليوم، ستكون معي في الفردوس. أي اليوم أعطيك وعدًا، بأنك ستكون معي في الفردوس. هو لن يذهب هذا اليوم، ولكنه أخذ الوعد من يسوع هذا اليوم، وهذا للأسف سوء ترجمات.

     حسب بعض المراجع اليهودية، من يذهب للجحيم يركع لإبليس، ولكن هللويا يسوع نفضهم من على كتفيه، وانتصر عليهم، وأخذ مفاتيح الهاوية والموت، وفتح للناس الموجودة داخل حضن إبراهيم! وسبى هذه المنطقة ورأى العالم الروحي ما حدث، لأول مرة كُسِرت شوكة الموت! مجدًا للرب.

   جَرَّدَ يسوع الرئاسات والسلاطين، ولكن هل لازال إبليس يتحرّك في الأرض؟ الإجابة نعم. هو يتحرّك ولكن ليس على الكنيسة، لكن على أولاد المعصية، يستفيد بهذا العمل فقط من آمن بيسوع.

 

▪︎ ما حدث لنا بقيامة يسوع:

○ لم يَعُد هناك مبدأ السماوات المفتوحة والمُغلَقة:

    ذُكِرَ في (إشعياء ٢٥) أن هناك أُناسًا أُغْلِقت عليهم سماواتهم، لأنهم طلبوا أرواحًا شريرة تدخُّل هذا المكان، لقد أثَّروا على أنفسهم سلبًا، ففي ذلك الوقت كانت السماوات تنفتح وتنغلق، لكن هذا ليس الآن، ليس بعدما فعله يسوع.

“٧ وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. ٨ لِذلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا». ٩ وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. ١٠ اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ.” (أفسس ٤: ٧-١٠).

    يخبرنا الروح القدس في الوحي أن يسوع نزل إلى أقسام الأرض السُفلَى، ثم صعد إلى العلاء، هنا هو يتكلَّم عن عالَم الروح، دخل يسوع المكان الذي كان يستولى عليه إبليس وجعله تحت القيادة الإلهية، وبهذا لم يَعُد لإبليس أن يتحكَّم في السماوات وانتهى أمر السماوات المفتوحة والمغلقة.

    كما كُتِبَ: ملأ يسوع الكل في الكل، لكن نعم يمكن أن ينشط إبليس في بعض الأماكن، كيف؟ عن طريق الذين يستدعونه في الأرض، بقبولهم أفكار إبليس، وإيمانهم بها، عندما يؤمن شخص بشيء يصير به قوة، كما ذَكَرَ بولس: “كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ.” (تيطس ١: ١٥).

    ربما تَدخُل أماكن وأنت تعلَّم جيدًا أنها مليئة بالأرواح الشريرة، نعم هذا يحدُث، لكن أنت نورٌ في هذا المكان، أنت المُؤثِر! لا يوجد روح أقوى من الروح القدس داخلك، هللويا!

○ جاء ليطلب وُيخلِّص ما قد هلك:

    “لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ».” (لوقا ١٩: ١٠).

    ما الذي هلك واسترده يسوع؟ ما هلك هو سلطان الإنسان، سواء سلطانه على الأرض أو الحيوانات، أو على جسده، أو حياته الشخصية، هناك أشياء أفسدها إبليس والرب استردها، وأشياء أخرى بناها إبليس والرب هدمها، مجدًا لاسمه!

    لنرى بعض نتائج السقوط “وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».” (التكوين ٣: ١٦).

   “بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا”: حمل يسوع هذا الالم والوجع، معاناة المرأة القاسية في الولادة، وتبعياتها، وتأثيراتها السلبية على حياتها وصحتها، حَمَلَ يسوع كل هذا.

    نرى هذا في: “وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.” (١ تيموثاوس ٢: ١٥).

    “وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ”: أي عبر ولادة يسوع تمَّ خلاص المرأة في عملية الولادة.

    “وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ”: أي يجب أن تخضعي، هذه ليست لعنة، ولكنه يخبرها بوجوب الخضوع، لأنه بسبب عدم خضوعها أُغوِيت من الحية، ووافقها آدم على هذا.

 بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».” (التكوين ٣: ١٩).

    “بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا”: حَمَلَ يسوع هذه اللعنة أيضًا، بالطبع هذا ليس معناه ألّا تعمل، لكن هناك فرقًا بين أن تعمل وأن تتعّب في عملك، إن كنت مُنقادًا بالروح القدس، ستجده يساعدك كي تجد عملاً ويُسهِّله عليك. تَذكَّرْ أيضًا في العهد القديم كان من ضمن البركات عدم العناء في العمل: “بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا.” (الأمثال ١٠: ٢٢). كم بالأحرى في العهد الجديد!

○ أصبحنا مَخْرجَ حياة للآخرين!

  “٣٧ وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. ٣٨ مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». ٣٩ قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.” (يوحنا ٧: ٣٧-٣٩).

   طلب أخوة يسوع منه أن يذهب معهم لليهودية، فرفض. ذلك لأن قادة اليهود كانوا يريدون قتله، فإن دخل في وقت مبكر، كانوا سيحاولون إبعاده بشتى الطرق، فذهب يسوع مُتخفيًا بعدما ذهب إخوته، ليس ليتّضع، بل لأن له استراتيجيته، نرى بعد ذلك إنه ذهب إلى أقصى الأماكن ازدحامًا، وابتدأ يُعلِّمهم، ونادى بأعلى صوته صارِخًا، مُخبِرًا إياهم بكلام لم يسمعوا به من قبل: “مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ”.

     ما هذا الكلام الغريب! آخر شيء سمعوه من موسى أنهم موتى بالخطايا، بالتالي لا يمكن أن يَخرُج منهم حياة، فقط يمكنهم أن يأخذوا الكلمة، فهي حياتهم، وها يسوع يخبرهم أنه يمكن أن يَخرُج أنهار ماء حي من داخلهم! اَفْهمْ روح ومذاق هذا الكلام. هذه الآيات اعتدنا عليها، مع إنه كلام رهيبٌ! أَتفهم معنى أن الإنسان أصبح مُعطيًّا حياة لآخرين؟! مُوزِّعًا حياة للآخرين! 

   لدى اليهود خلفية بهذا الكلام، ليس كما نشأنا نحن عليه. أن تتخيَّل صورة شخصٍ بطنه مفتوحة ويَخرُج منها نهرٌ، ليس هذا المعنى. تحتاج أن تفهم تاريخ بعض الكلمات. هناك عِلْم كاملٌ خاصٌ بهذا الشأن، تحتاج أن تدرِس وترى مراجع كثيرة لفَهْم معاني هذه الكلمات لنرى.

    عندما كان اليهود يحاولون حَفْر آبار في أرض صحراوية، أو مكان يحتاجوا أن يزرعوا به، فيخرج ماء من البئر، كانوا يطلقون عليه (بئر حياة)، لأن الحيوانات ستشرب منه والزرع سيزدهر، بالتالي هو أعطى حياة لهذا المكان. فعندما يقول يسوع: “إن من يُؤمِن به بالطريقة التي يُخبِر بها الكتاب، ستجري من بطنه أنهار ماء حي”، هذا يعني إنه سيكون مصدرًا وسيَخرُج منه حياة للآخرين هللويا!

    هذا ضمن إنجازات يسوع لنا، أن نكون مصدرَ حياة للآخرين، ليس فقط أن نحيا نحن، كما ذُكِرَ في يوحنا في حواره مع السامرية، قال يصير “ينبوعًا”، جاءت بالمفرد: “وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».” (يوحنا ٤: ١٤). ثم في (يوحنا ٧) ذكر لفظ “أنهار” بصيغة الجمع.

○ أصبح الروح القدس مُتاحًا لنا!

    قال يسوع: “وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ.” (رؤيا ١: ١٨). أخذ يسوع مفاتيح الهاوية، بالطبع ليس معناها المفتاح الحرفي، لكنها تعني سلطانًا. لم يَعُدْ لإبليس سلطانٌ على الأرض فيما بعد كما كان.

    كان الروح القدس في العهد القديم يَتَحرَّك في الأرض فقط باستدعاء الإنسان له ويعود ثانيةً، لم يكن قد أُرسِلَ إرسالاً وظيفيًّا في الأرض بعد. ربما تتساءل؛ أليس الروح القدس موجودٌ بالفعل في كل مكان؟! بالطبع هو موجودٌ، لكن هناك فرقًا بين أن أَدخل مكانًا لإتمام مهمةً ما ثم أُغادِر، وبين أن أَمكث في المكان أو أُعَيَّن به. التعيين يجعلني أُؤثر بصورة شرعية في المكان.

    يسوع تجده في كل مكان حتى الهاوية، لكن لكي يكون موجودًا بشكلٍ انتصاريٍ يجب أن يُهزَم إبليس في مكانه. دعنا نرى: “قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.” (يوحنا ٧: ٣٩).

    قال الرب إنه سيُرسِل الروح المُنبثِق من الآب، معنى هذا أنه لم يكن يتحرَّك في العهد القديم في الأرض مثلما يَحدُّث الآن في العهد الجديد، هناك اختلافٌ. فإن كنت تعيش في العهد القديم ستَرى أنّ عالَم الروح خشنٌ جدًا، جاء موسى ووضع ناموسًا ليسير عليه الناس، لأن الحُب بلا قواعد لن يكون جيدًا. فوضع نظامًا كشف الخطية، لكنه لم يُعالجها.

   لاحظ إنه قال: “لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ” إذًا الروح القدس كان فقط في مَن يستدعيه على الأرض. فمثلاً الروح القدس يُخبِر شخصًا بكلام مُعيّن ثم يعود، أو يعمل شيئًا محدَّدًا، لكنه لم يكن موجودًا بصفة دائمة في الأرض لأن يسوع لم يكن قد مُجِّدَ بعد.

     كلمة مجد تحوي قصة كبيرة داخلها: مات يسوع ودُفِنَ وقام وصعد وجلس عن يمين الآب (كورنثوس الأولى ١٥)، كل واحدة من تلك لها وظيفية، تحتاج أن تُرتِّب هذه العقيدة في عقلك. شرحت كل واحدة منها بالتفصيل في مدرسة الكتاب المقدس بالشواهد الأخرى المُختَصّة بها. عندما مات مُتنا معه وعندما قام قمنا معه وصعدنا وجلسنا أيضًا معه، صرنا مُشترِكين معه في كل شيء! هللويا.

○ انشقَّ الحجاب:

    في العهد القديم كان الروح القدس يتحرَّك ليُعطِي الملائكة قدرة لتخترق المكان ولا يقدر إبليس منعهم، لكن إن لم يصلِّ الشخص بكفاءة، كان يتعطَّل عمل الملائكة، إلى أن يُصلي الشخص ويُعطِي تصريحًا لهم. قد تتعجَّب وتقول: “لا الرب يمكنه فِعْل أي شيء في أي وقت يريده”، شرحتُ بالتفصيل هذه النقطة في مقالة “إيجار الله على الأرض“.

    في (دانيال ٢٣:٩) أخبر الملاك دانيال أنّ منذ بداية صلاتك أتت الاستجابة، لكن منع الملاك الأرواح الشريرة ووقفوا ضده فتعطََّلت وصول الاستجابة واحد وعشرين يومًا، لكن عندما استمر دانيال في الصلاة، تمّ إرسال إمدادًا ملائكيًّا لمساعدته، فاستطاع أن يأتي بالاستجابة وعاد الملاك ثانيةً ليُكمِل معركته.

    هذا الأمر انتهى الآن، لم يَعُد هناك غلافٌ ليُغلِّف الأرض، الحجاب الذي كان يمنع الناس عن الله انشق! هللويا صار الله مفتوحًا على الإنسان.

    ينبغي عليك تصديق هذه الحقيقة؛ “مجيء يسوع”. حقيقة البر الذي سمعوا عنه، حقيقة الذبائح، حقيقة الميراث…هو الحقيقة. إن سلكت ورأيت هذه الحقيقة ستَرَى مقاسات الأمور بطريقة سليمة، سترى مدى ضئالة المرض وضئالة إبليس. جاء الوقت لتُدرِك قوة قيامة يسوع، وترى الأمور من منظورها.

    أدركْ هذا المبدأ جيدًا: إياك أن تكون قصيرَ النَفَس في كل مجالات حياتك، استمرْ بثبات ومقاومة بكل قلبك على هذه الحقيقة، كثير من المُؤمِنين لا يذوقون الحقيقة بسبب قِصْر النَفَس.

○ نَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ:

    دعني أشرح لك جزءًا من خلفية رسالة كورنثوس، يدافع في هذه الرسالة بولس يدافع عن رسوليته، ليس ليُثبِت شخصيته أو ليُدافع عن كرامته لكن لخيرهم، فإنهم إن ظلّوا بهذا الشكل ضدّ بولس، لن يعرفوا أن يستقبلوا منه روحيًا فيما بعد.

    فابتدأ يُثبِت لهم رسوليته وفَنَّدَ لهم المُعلِّمين الكذبة، وشرح لهم في الإصحاح الحادي عشر، إنه إن أطلق هؤلاء على أنفسهم أنهم تعذَّبوا لأجل الإنجيل، فأنا تعذَّبت أكثر منهم جميعًا. وبدأ يَذْكُر الأمور التي مرّ بها.

    ثم دخل على الإصحاح الثاني عشر، وأكمل: أما من ناحية الرؤى والإعلانات، لا أريد أن أحكي لكني مُضطَرٌ أن أفصح عن بعض الأمور، فقد رأيت السماء الثالثة، وسمعت أمورًا لن تستساغ لدى البعض، وبالطبع بولس لا يبالغ.

    “١ هذِهِ الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ آتِي إِلَيْكُمْ. «عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ». ٢ قَدْ سَبَقْتُ فَقُلْتُ، وَأَسْبِقُ فَأَقُولُ كَمَا وَأَنَا حَاضِرٌ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ، وَأَنَا غَائِبٌ الآنَ، أَكْتُبُ لِلَّذِينَ أَخْطَأُوا مِنْ قَبْلُ، وَلِجَمِيعِ الْبَاقِينَ: أَنِّي إِذَا جِئْتُ أَيْضًا لاَ أُشْفِقُ. ٣ إِذْ أَنْتُمْ تَطْلُبُونَ بُرْهَانَ الْمَسِيحِ الْمُتَكَلِّمِ فِيَّ، الَّذِي لَيْسَ ضَعِيفًا لَكُمْ بَلْ قَوِيٌّ فِيكُمْ. ٤ لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صُلِبَ مِنْ ضَعْفٍ، لكِنَّهُ حَيٌّ بِقُوَّةِ اللهِ. فَنَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاءُ فِيهِ، لكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ.” (٢ كورنثوس ١٣: ١-٤).

    “٢ قَدْ سَبَقْتُ فَقُلْتُ”: بما إن بولس يقول سبق وقلت لكم؛ إذًا إما أن يكون أرسل رسالة شفاهية لم تصل إلينا، أو يوجد رسالة كورنثوس الثالثة، بكل الأحوال هناك شيءٌ حدث بالمنتصف. بولس الرسول العظيم، كان يبدو ضعيفًا ظاهريًا بسبب كثرة الاضطهاد الذي تَعرَّضَ له كما شرح في الإصحاحات السابقة. ولفظ “ضعف” الذي أُطلِقَ على بولس هو اللفظ نفسه الذي أُطلِق على يسوع حينما قيل: “صُلِبَ مِنْ ضَعْفٍ“.

    هل كان الرب يسوع ضعيفًا بمرض؟! الإجابة لا، لكنه هنا يقصد إنه ترك الجنود يضربونه ويلطمونه بافتراء، وبولس كيسوع ضُرِبَ واُضطهِّدَ كثيرًا.

    يكمل بولس ويقول: “فَنَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاءُ فِيهِ، لكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ”. كلمة سَنَحْيَا ليست دقيقة فإن رجعت لها في الإنجليزية ستجدها بالمضارع المستمر، وليس فقط في اليونانية. أي ليس شيئًا سيَحدُث في المستقبل ولكنه حادثٌ بالفعل. نحن أحياء الآن.

    بدأ الكورنثوسيون يُشكِّكون في رسولية بولس ويَطعنوا عليه، فحذَّرهم إنه لا يريد أخذ رد فِعْل شرس تجاههم، ثم وَضَّحَ لهم حياة الله التي فيه، والسلطان الذي لديه، وبالفعل استخدم بولس سلطانه ضد زاني كورنثوس وأسلمه للشيطان وهو في مكانه.

    من هو زاني كورنثوس؟ حسب المراجع هذا الشخص حبس امرأة أبيه في بيته وظلّ يزني معها ومنعها من الخروج، فاتّخذ بولس موقفًا حادًا ووبَّخهم قائلاً كيف تسمحون بمِثْل هذا بينكم؟! كما استخدم سلطانه وسلَّمه للشيطان، وذلك لأنه قَلِقَ عليه لأنه استباح في الخطية، وإن استمر بهذا الشكل سيهلك.

    يذكر أنه عندما سَلَّمَ هذا الشخص لإبليس ابتدأ يُبتلَى بأمراض عدة، فعاد للكنيسة مُهروِلاً ليَحصُل على شفائه، فأرسل لهم بولس في (كورنثوس الثانية ٢)، وهو يقول لهم: “يكفي هذا!”، أقبلوه. ونال شفائه. ثم نجده في الإصحاح السابع يمدحهم لأنهم فعلوا ما أمرهم به.

   لاحظ لم يحتاج بولس إلى التواجد في الكنيسة ليستخدم سلطانه، بل من مكانه أطلق القوة داخله، بالمِثْل: لا تحتاج أن تُخرِج سِحْرًا ما من الحائط مثلاً أو ما شابه. للأسف يوجد الكثير من المُؤمِنين يفكِّرون بهذه الطريقة. أنت فقط تحتاج أن تُدرِك سلطانك. نعم يوجد سِحْرٌ. ماذا إن وُجِدَ؟! لا يهم. ما يهم هو أن تفكه وهذا يحدث بلسانك.

    “٣ فَإِنِّي أَنَا كَأَنِّي غَائِبٌ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ حَاضِرٌ بِالرُّوحِ، قَدْ حَكَمْتُ كَأَنِّي حَاضِرٌ فِي الَّذِي فَعَلَ هذَا، هكَذَا: ٤ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ­ إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ­ ٥ أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. ٦ لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟” (١ كورنثوس ٥: ٣-٦).

        كان بولس يُحذِّرهم، هو لا يريد أن يُظهِر قوة الله معهم، كان يمشي معهم خطوة بخطوة، لماذا؟ كي يُنقذهم من الجحيم، مثلما يقول الكتاب: “مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ابْنَهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ.” (الأمثال ١٣: ٢٤). لهذا نعم يوجد تأديبٌ كنسيٌّ، ويمكن للرعاة أن يستخدموا سلطانهم عن بُعْد.

     مُلخَّص ما نتكلَّم عنه أن كنيسة كورنثوس سمعت لمعلمين كذبة، واعتقدوا أن بولس ضعيفٌ، لأنه يُضطهَد ويُضرَب كثيرًا، فاضطر بولس أن يشرح لهم ويتعامل معهم بصرامة، وأخبرهم أن يسوع أيضًا صُلِبَ من ضَعْف، لكنه قام بقوة الله، ويمكننا أن نستخدم هذه القوة معكم وبولس استخدمها بالفعل في قصة زاني كورنثوس.

     هذا أحد المواقف التي تَمرّ على رعاة الكنائس أو الرسل، والتي تَصَرَّفَ فيها بولس بناءً على قوة وسلطان قيامة يسوع، إذًا يوجد ارتباط بين قوة القيامة وبين المواقف الحياتية. وتأكدْ إنه لا يوجد من يُمكِنه السيطرة على هذه القوة، تَذَّكرْ هذا عندما تَمُرّ بموقف ما، أعلن هذا؛ “قوة القيامة تعمل فيّ”.

○ قوة القيامة داخلك تجعلك تهزم الخوف والحزن الذي سبَّبه الموت!

    عندما بكى الرب يسوع على قبر لعازر وليس لأجل لعازر كما اعتقد مَن حوله، لكنه بكى على النفوس لأنهم كانوا خائِفين الموت، وللأسف هذا يحدُّث ليومنا هذا، الآن تجدّ الناس تُردِّد عبارات مثل: “ربنا يخليك” خائفين ألّا يبقى، أي لا يعيش ويموت، وأيضًا “ربنا ميحرمنيش منك”، تَسرَّبَ الخوف من الموت إلى لغة الناس.

    هناك أُناسٌ ربطت حياتها بأشخاص انتقلوا وظلوا مُكتئِبين لشهور عديدة أو لسنين، ويزيد الأمر سوءًا اعتقادهم أن هذا إثبات حُبهم لهم! لا. يقول الكتاب: “ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ.” (١ تسالونيكي ٤: ١٣).

   أَعدْ قراءة الشاهد السابق جيدًا، يوجد البعض مَن يمرّ على هذه الآيات مرور الكرام ولا يعطيها أي اهتمام. “لا تحزنوا كالباقين”، عندما تسلك بروحك تستطيع أن تسير فوق المشاعر البشرية.

   هناك أناسٌ مرّوا بتجارب مُؤلِمة، ربما يوجد أحد مات له شخصٌ عزيزٌ عليه بين يديه، أو رأى أحد أحبائه يتألّم كثيرًا قبل انتقاله، أقدِّر هذا جيدًا…لكن لخيرك أخبرك، ما تقوله الكلمة أن سلوكك بهذا الشكل سيُزيد الأمر سوءًا، أيضًا ستتعطَّل روحيًا، هذا مبدأ كتابي. يفهم الروح القدس موقفنا جيدًا، ولأنه يفهم بشكل أوسع كثيًرا جدًا، أعطانا هذا المبدأ، ليس ليُعثِرك لكن لخيرك. لا تحزن أنت تَضرّ نفسك بهذا الشكل.

     أين قوة القيامة في موقف مثل هذا؟ أن تُخرِج القوة من داخلك، وتُسيطِر على مشاعر الحزن التي تُلقَى أو البكاء الكثير وارتداء الملابس السوداء، أن تغلق هاتفك ولا ترد على أحدٍ. هذا ليس تعبيرًا عن الحُب العميق، بلى. وللأسف الجذر لشعورك بالنقص بسبب غياب شخص ما، أنك لم تجعل الروح القدس شريكَ حياتك منذ البداية.

○ لا يَقدِّر روح شرير أن يقف أمامك بهذه القوة!

     ما أضعف الأرواح الشريرة أمام ما فعله يسوع، هللويا! مملكة الظلمة لا يُمكِنها أن تقف أمام مَن يسير بهذه القوة. كنت مرة في بيت، وكان هذا البيت يُعاني لمدة ست سنوات من قضايا ومشاكل عدة، وكنت أُصلي لأجل هذا البيت، ثم أخبرني الروح القدس أن هناك سِحْرًا في الأريكة التي كنت أجلس عليها، فأخرجت السِحْر وتمّ حلّ المشكلة في اليوم نفسه.

     حسب ما تسلَّمته من تعليم في هذا الوقت، كان لدي اعتقادٌ خاطئٌ أن الأرواح الشريرة يجب أن تُقيَّد في أعلى جبل أو في الهاوية، هذا ما سمعته وتربيّت عليه، وأن الأرواح الشريرة التي سيتمّ إخراجها ستُؤذيني عندما تَخرُج لأني أخرجتها، واستغل إبليس عدم معرفتي، وظللت مريضًا في السرير لمدة سبعة أيام غير قادرٍ على الحركة. فاعتقدت أن بالطبع هذا بسبب خروج الأرواح الشريرة.

     قبلها بسنةٍ امتلأت بالروح القدس فكنت حينها ممتلئًا بالفِعل، فابتدأ الروح القدس يُكلمِّني ويسألني: هل حدث هذا مع يسوع؟ هل حدث هذا مع بولس؟ الإجابة لا، إذًا الكتاب فوق الجميع. في هذه اللحظة قُمت من الفراش، وكنت صحيحًا وسليمًا. استغلَّت الأرواح الشريرة جهلي إلى أن أدركت الحقّ.

     كان هذا السحر يتكرَّر سنويًا في نفس التوقيت، فعندما جاء هذا الوقت في السنة التالية، أمرت ملائكة باسم يسوع أن تُحاوِط المكان وألّا يكون هناك أي تأثير للسِحْر أو الأرواح الشريرة.

    دائمًا في هذا اليوم كان هناك طفلة في البيت تقف عند الشباك وتبكي كثيرًا، وكان يحدث حالات انفصال في البيت، فعندما أمرت بحراسة ملائكة بل وأن تُغادِر الأرواح الشريرة، عندما جاء هذا اليوم وقفت الطفلة ولم تبكِ، كانت ترى الحرب الحادثة في عالَم الروح، لكن هذا اليوم أصبحت تقف في أمام الشباك والباب بشكل طبيعي جدًا، مجدًا للرب!

     طبقًا لِمَّا تأمُر به يَحدُّث في الواقع، يمكنك أن ترسل ملائكة وتتعامل مع عالَم الروح بصورة سهلة، فقط إن أدركت قوة القيامة!

ــــــــــــــــــــــــ

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة  الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا. 

Written، collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$