القائمة إغلاق

الإيمان العامل – الجزء 2 Working Faith – Part

 

 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك اضغط هنا 

لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

video
play-sharp-fill

 

video
play-sharp-fill

الإيمان العاملالجزء 2

  • ما هو الإيمان.
  • كيف يعمل الإيمان.
  • الإيمان والمحبة في المسيح.
  • تكميل نقائص الإيمان.
  • تعريف الإيمان.
  • الفرق بين عيون الروح والنَفْس والجسد.
  • حياة الإيمان.
  • من هو المُنفِّذ في الإيمان.

▪︎ ما هو الإيمان:

 الإيمان هو الوسيلة، وهو الذراع الذي تتلقى به الشيء، وهو الطريقة التي تستقبل بها في حياتك. لكي تضع إيمانك في شيء معين، عليك أن تعرف طريقة حدوثه، لأن هناك جزءًا على الرب وآخر على الإنسان، وعندما نخلط عمل الرب بعمل الإنسان، فيصبح هناك خللٌ في الإيمان، لذلك يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح.

عندما يؤمن الإنسان بشيء ولا يرى نتيجة، يكون هناك أمران:

  • أن يكون هناك خللٌ في الإيمان.
  • إمّا أن يحتاج الأمر إلى طول نَفَس.

 يوجد فرقٌ بين شخص يشرح المشكلة ولكنه في داخله واضع إيمانه بها وانتهى الأمر، وبين آخر مَن تَشبَّع بالمشكلة. تَشبَّع بالمشكلة: أي إنها بدأت تُسيطِر على طريقة تفكيره، وأصبح تفكيره مُتوافِقًا مع ما يراه، وأصبح واضِحًا على الشخص أن الموقف هو الذي يُسيطِر عليه، لذلك حتى إن مارس إيمانه مرارًا وتكرارًا، فلن تحدث أي نتائج.

“٦ لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.” (غلاطية ٥: ٦).

  المقصود هنا هو نظام موسي والعهد القديم، أي إن الإنسان لم يَتَّبع هذا النظام، ولكنه يَتحدَّث هنا عن الإيمان الذي يأخذ طاقته من المحبة.

المحبة هي علاقة بينك وبين الروح القدس، ولا يتعلَّق الأمر فقط بالغفران تجاه الآخرين، هناك شيءٌ قبل المغفرة، وهو العلاقة مع الروح القدس.

▪︎ كيف يعمل الإيمان:

“٢٣ أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.” (يوحنا ١٧: ٢٣).

 هل فَعَلَ يسوع خطيئة؟ لم يرتكب يسوع أي خطيئة، لكن المحبة بينه وبين الآب هي علاقة، وهنا نقطة البداية للإيمان، يقول إن الإيمان يعمل بالمحبة، فعندما تعمل هذه العلاقة بطريقة صحيحة، يبدأ الإيمان بالعمل.

هل يمكن للإنسان أن يكون له إيمانٌ بدون محبة؟!

 نعم، هذا ما يقوله بولس الرسول: “٢ وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا.” (١ كورنثوس ١٣: ٢).

١٣ أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ. ١٤ وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدًّا مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (١ تيموثاوس ١: ١٣، ١٤).

 “وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ” يقصد أن يقول لأنني فعلت هذه الأشياء بدون إيمان نتيجة لعدم فهمي لحياة الإيمان ومَن هو يسوع. كان من الممكن أن يقول “لأني لم أُولَد من جديد” لكان الأمر أوضح، لكنه يقول تَحرَّكت من حياة لم يكن بها إيمان.

 يمكن تطبيق هذا على مواقف كثيرة في حياتك وكيف تطوي صفحة المواقف المُخزّية والخاطِئة، قائلًا إنك تصرَّفت عن جهل وعدم معرفة، وبالتالي لم تمارس إيمانك، أي أنك لم ترى الأمر. هو لا يتحدَّث هنا عن الولادة الثانية فحسب، بل عن حياة الإيمان لم يكن بدأها.

 “وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا” ويعني أي فاض منه الشيء، وازداد حتى بدأ يفيض خارجًا، مثل كأسي ريا، فيقول لقد كانت تعمل فيّ كثيرًا لدرجة أنها كانت تفيض.

▪︎ الإيمان والمحبة في المسيح:

“مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ”؛ تنقسم حياتنا في المسيح يسوع إلى قسمين: الإيمان والمحبة.

 الإيمان يعمل من خلال علاقة حية مع الروح القدس، والعلاقة لا تعني الصلاة والشعور بحضور الله، ولكنها تعني أن أفكار الله قد تداخلت مع أفكارك وأصبحت لها سيادة عليها، تبدأ في الاقتناع بما يقوله الله، وليس بما تسمعه أو تراه من وسائل الإعلام في الخارج، الناس في الخارج يقولون أشياءً صحيحة فكريًّا ومنطقيًّا، مثل: “لأن هذا حدث سيؤدي إلى هذه النتيجة”.

 لكن ما يقوله الكتاب هو إنك إن جعلت يسوع ربًا على حياتك، فَمِن الضروري أن تبدأ أفكاره بالسيطرة على أفكارك وتستبدل الأفكار البشرية وتبدأ مرحلة الاقتناع بأفكاره، وهذا يهيمن على الأفكار البشرية في ذهنك، وتبدأ لديك حالة من التفكير المُوحَّد، وهذا هو البناء السليم في الإيمان.

 بما أنّ هناك ركنين؛ الإيمان والمحبة في المسيح، فهذا يعني أن تفسير أي أمر آخر يندرج تحتهما، وعندما تتبع أي تعليم كتابي، فإنه سيُوصِّلك إلى مرحلة الإيمان والمحبة.

“٤ وَلاَ يُصْغُوا إِلَى خُرَافَاتٍ وَأَنْسَابٍ لاَ حَدَّ لَهَا، تُسَبِّبُ مُبَاحَثَاتٍ دُونَ بُنْيَانِ اللهِ الَّذِي فِي الإِيمَانِ. ٥ وَأَمَّا غَايَةُ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ الْمَحَبَّةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلاَ رِيَاءٍ.” (١ تيموثاوس ١: ٤، ٥).

 “دُونَ بُنْيَانِ اللهِ الَّذِي فِي الإِيمَانِ” أي تعليم غير كتابي يقودك إلى الضياع، لذلك البنيان مبني على الإيمان.

 “قَلْبٍ طَاهِر” استخدم هنا كلمة καθετήρ (katharos) وهي تعني القسطرة التي تنظف سريعًا أي شيء يدخل إلى القلب، هذا هو هدف الوصية، لذلك كل شيء يصب في الإيمان والمحبة. الإيمان أمر ضخم جدًا، وهناك الكثير من الناس تعاملوا مع هذا الأمر بحالة من السُخرية والخِفة، وهذه هي اللغة التي لجأوا إليها.

 لقد تحدثت سابقًا عن الإيمان في سلسلة “الإيمان“، لكني أريد في هذه السلسلة أن أُقدِّم لك إضافات حول كيفية بناء إيمانك بنجاح، حتى تعرف أين يوجد الخلل. إن كنت تضع إيمانك في شيء ما، فإن الكتاب المقدس يُوضِّح أن كل شيء مُستطاع للمؤمن؛ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ». (مرقس ٩: ٢٣).

 أريد أن أُؤكِد أن أي شيء ستعرفه من التعليم الكتابي فيما يتعلق بهذا الموضوع له مشابهات في العالم، مثل: قوة التفكير الإيجابي، والتأمل، وإطلاق القوة، ولذلك يُوضِّح الكتاب أن العالِم هو الذي يُقلِّد الكتاب، وليس العكس.

 هناك شيءٌ آخر أريد التأكيد عليه هو أن الدائرة التي تَخُصَّك أنت فقط تختلف عن الدائرة التي تخص زوجتك أو أطفالك أو والديك، أحيانًا يقول الناس إن إيماني لا يعمل في الأمور التي تخص الآخرين، فتبدأ بالوقوع في نفسك في حين أن الأمر يتعلَّق بإرادة آخرين. أنت تتعامل من اتّجاه أنك تحزن عليهم، فتضع إيمانك وتمارسه من أجل الآخرين. مِن الممكن أن يتمّ هذا بدرجة، لكنه لن يتحقّق إلى النهاية. لأن هناك مسؤولية على الإنسان نفسه إلّا إذا كان طفلاً وهذا الطفل هو ابنك، فهو مسؤوليتك حتى ينضج ويبدأ في ممارسة إيمانه.

 لذلك ما أشرحه يتعلّق بالدائرة الشخصية، وعندما تفهم هذا تعرف كيف تساعد الآخرين على ممارسة إيمانهم، فَمِن الأفضل أن تُقدِّم لهم التعاليم الكتابية التي تعرفها، حتى يتمكَّنوا من ممارسة إيمانهم، اعتمد الرب يسوع على التعليم، ويقول الكتاب إنهم جاءوا ليسمعوا التعليم ويُشفوا من أمراضهم، أيضًا يقول الكتاب إنه عندما كان يلتقي الرب يسوع بأي جموع، بدأ يُعلِّم كعادته.

 ولذلك فإن المشكلة تَحدُّث عندما يبدأ الإنسان أن يُدخِّل نفسه مُسرِّعًا، فعندما يبدأ بالاستماع، ينشأ فيه الأمل، ويقول: “أنا أُمارس إيماني من أجل هذا الشخص”، وهو نفسه غير مُتمرِّس في الإيمان فيصبح غير قادِر على مساعدته، ومن هنا تبدأ المشاكل لأنه بعد ذلك يعتقد أنه زاد من سقف توقعاته ولم يرَ نتائج ولم ينَل معجزته، فيتجنَّب الحديث عن الإيمان، في حين أن الكتاب يقول إنه يجب أن نَتحدَّث عن الإيمان. حتى لو كان هناك أشخاص نشأ لديهم أملٌ ولا يرون النتائج، فالمشكلة ليست في تعليم الإيمان وأنه يجب أن يمتنع، ولكن المشكلة تَكمُن في أن الشخص يفهم ما هي نواقص إيمانه.

▪︎ تكميل نقائص الإيمان:

 “٣ طَالِبِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا أَوْفَرَ طَلَبٍ، أَنْ نَرَى وُجُوهَكُمْ، وَنُكَمِّلَ نَقَائِصَ إِيمَانِكُمْ.” (١ تسالونيكي ٣: ١٠).

  يقول هنا إنه يصلي لكي يأتي إليهم ليعمل على الأمور الناقِصة في إيمانهم، إذًا لم يمتنع عن تعليم الإيمان. وهناك سِلسلة موجودة على الموقع تكلَّمتُ فيها عن “تكميل نقائص الإيمان“، فهناك أمورٌ يجب أن تفهمها حتى تُكمِّل نقائص الإيمان.

 اكتشف بولس الرسول أن هناك أمورًا أخرى لابد من إكمالها. هذا ما يَحدُّث مع الشخص طوال الطريق، يبدأ بمعرفة أين تكمن المشكلة وما سببها حتى تكتمل آلة الإيمان لديه، فإن كنت من الأشخاص المُحبَّطين الذين يضعون أنفسهم في حالة “لقد مارست إيماني كثيرًا دون نتائج”، هذا الكلام مُوجَّهٌ إليك.

 لقد ذكرت سابقًا في سلاسل أخرى الفرق “الصبر” و “طول الأناة”. لابد أن يضع الشخص إيمانه بصبر، ولكن طول الأناة ألّا يغضب بسبب عدم وجود نتائج، ولا يثور على وضعه ويبدأ في تخريب إيمانه؛ “١١ مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ. (كولوسي ١: ١١).

 يتحدَّث الرسول بولس هنا عن “الصبر وطول الأناة”، لأن كثيرين يقعون في هذا، ويظلّ الإنسان ثابِتًا، ويقف بصمود حتى يأتي موقف شديد ويزداد العيان، فيبدأ الإنسان بالكشف عن الأشياء التي كانت مُخبَّأة في قلبه وهو غير واعٍ لها، وهنا يظهر كيف عمل إيمانه خلال فترة الراحة حتى ساءت الظروف.

 يظهر معدن الإيمان كيف كان يعمل، يبدأ الإنسان بالنطق بكلمات كانت موجودة من قبل وهو لا يعلم بوجودها بداخله، أو عندما يحل المشكلة يفرح بفرحة غير مسبوقة، وهذا دليل على أن الأمر لديه مُتعلِّقٌ بالعيان وليس بالإيمان، من الصحيح أن نفرح بالمعجزة، لكن أن نفرح. بطريقة غير مسبوقة! وهذا دليل على أنك تربط نفسك بسلسلة تسمى “العيان”.

 العلاج هو عملية فكرية، مجموعة من المبادئ التي تُوضَع فوق بعضها البعض، حتى يُكمِّل الإنسان نقائص إيمانه بها. أنت مُرتبِطٌ بالكلمة فهي الأساس، إن أصبح العالم أسوأ أو أصبح أفضل، هذا ليس ما يجعلك سعيدًا، هذه هي الركيزة، على ماذا يقف إيمانك؟

 هذه هي النقاط التي تتَّضح مع الوقت، فالإيمان يحتاج إلى فهم، وهو عملية فكرية يتم فيها الإصرار على الرأي وإدراك بعض الزوايا التي تمّ شرحها في هذه السلسلة، لا تنجرف في معجزات الآخرين قبل أن تثبت، سيأتي وقت تفعل فيه هذا من أجل الآخرين، لا تتسرع.

 لقد أمضى الرب يسوع ثلاثين عامًا يرى الناس مرضى وعاجِزين ويرى أقاربه يموتون، لكنه لم يتحرّك إلّا بعد مراحل كثيرة من التأمُّل والإعداد.

هل كان الرب يسوع يتحرَّك بدون الروح في هذا الوقت؟! لا، كان الرب يتحرّك في حالة من النُضج، تَحدَّثت في عدة سلاسل سابقة عن كيف كان الرب يسوع يتأمّل في شبابه.

 يبدو أن الأمر في حالة من اللامبالاة، لكن الحقيقة إنه إن لم يقف الإنسان على قدميه فلن يتمكَّن من مساعدة الآخرين، وهذا هو الخلط الذي يَحدُّث عند بعض الناس، فيبدأ الإنسان في تعجيز نفسه ويضع نفسه في منطقة خطرة، فهو لا يمارس إيمانه لنفسه بالطريقة الصحيحة أو من أجل الآخرين، مثل الإنسان الذي بدأ يحمل شيئًا ثقيلًا ثم يحمل شيئًا ثقيلًا لشخص آخر، فهو لا يعرف كيف يحمل ما هو له أو لشخص آخر، حتى لو كان الأمر عاجِلاً.

 تذكَّر أن هذا ليس طبيعيًا، وما يَحدُّث هو تصحيح لشيء كان مِن المُفترَض أن يتعلَّمه الإنسان في طفولته، وتعلَّمه عندما كَبر، فيحتاج إلى وقت، كالسيارة التي تُصلِّحها وهي تسير! ولذلك فالمسألة مُعقدَّة وليست سهلة، وكان من المُفترَض أن يتمّ تأسيسه بشكل صحيح. لذلك هناك مرحلة تفهم فيها نفسك وما يَحدُّث، وقد ترى أشخاصًا لم ينالوا المعجزة، لكن مع ذلك استمرْ، هذا لا يجعلك تتراجع، شَدِّدْ رأيك في الكلمة وتَمسَّك بها، هذه هي حالة التَمسُّك دون أن ترخي.

▪︎ تعريف الإيمان:

“١وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى.” (العبرانيين ١١: ١).

 إنها مادة الشيء، الإيمان هو ظهور الشيء وحدوثه وتنفيذه، الإيمان هو برهان وجوهر الشيء، وهو يعني رسم جوهره، الحامِل لكل الأشياء بكلماته القديرة، إن الله نفسه هو رسم الجوهر، لذلك قصدت أن أتكلَّم في هذه السِلسلة (الإيمان العامل) مباشرة بعد السِلسِّلة السابقة؛ “تَمسَّكْ بكلمة الحياة“.

 ذَكَرتُ بها أن شعب الله كانوا يرون الصوت، حدث شيءٌ غريبٌ عندما بدأ الرب يتحدَّث إليهم، واستمرَ تأثير الكلمات التي سمعوها لفترة طويلة من الزمن، هذا يعني أن الله لم يفعل ذلك باستمرار ليظهر لهم ويَتكلَّم بنفس الكلمات. ما حدث لهم حدث مرة واحدة، وبقية الأجيال يجب أن تتمتَّع به بشرط أن يشرح الآباء ذلك لأبنائهم كثيرًا، فإن هناك قوة فعّالة في الكلمة التي قالها موسى ووصلت إلى مرحلة تجسيد لأرواحهم.

 بعد ذلك لم يرَ أحدٌ هذا، بل سمعوا فقط القَصص، هذه القصص لها القدرة على التَجسُّد في أذهان الناس وعلى استيعابها، وهذا هو عمل الروح القدس، بشرط أن تشرح التعليم والحق الكتابي لأطفالك، تجد الروح القدس يأخذ كلامك ويُحوِّله إلى تجسيد وإعطاءه مادة ذهنية قوية تكفي لإقناع الشخص الذي يَسمع هذه الكلمات.

 هذا لا يَحدُّث فقط للأشخاص الذين تتحدَّث إليهم، يَحدُّث لك أنت أيضًا؛ عندما تجلس أمام الكلمة تحدُّث حالة من تَجسُّد الكلمة، وذلك عندما تبدأ بالتفاعُل مع الحق الكتابي، في هذه اللحظة تبدأ بالاستماع به في روحك ويَتَحوُّل إلى العالم الحقيقي الذي تعيش فيه، فتجد الأمور تَحدُّث بسلاسة، وتَدخُّل إلى مرحلة أعلى تمارس فيها إيمانك من مرحلة الشراسة إلى السَلاسة، لأنك بدأت تشحن عالمك، لقد بدأت تسير في عالم الروح وأدركت ذلك، وكل هذا نتيجة سِرّ يسمى “التَأمُّل”.

 إن قلت أضع إيماني في الأمر والله يُكمِّل هذا، فهذا ليس إيمانًا. الإيمان هو الاقتناع، يُطلِّق الرب القوة من خلالك نحو الشيء، وهنا تَكمُن المشكلة والحَلّ نفسه. ربما تكون مُنتظِرَ الرب أن يفعل شيئًا ما، أي إن الرب يُرسِل الحَلّ من السماء للمشكلة، هذا ليس صحيحًا، يصنع الله الحَلّ مِن خلالك، عندما تبدأ بإغلاق ذهنك، فإنك تمنع سلسلة من المعجزات من الحدوث في حياتك.

 هناك بعض الأشخاص الذين يقولون إنني سأصلي وأضع إيماني في الأمر، ماذا تقصد بوضع إيمانك! يجب أن تتعامل مع الأمر على إنه انتهى، حتى لو كان هناك “عيان”، افهمْ هذا إن اقتناعك بالحق هو ما يُنجِز المُعجزة. أما إنْ كنت تنتظر الرب، فهذا عكس تعريف الإيمان الذي يُعنِي أنك آمنت بالشيء وأصبح لك، ستقول: “لا أرى!”، هذه هي المشكلة أنك تتعامّل مع العيان بمصداقية، عندما تبدأ التَعامُّل مع عالَم الروح بمصداقية تجد نفسك تُحلِّق وترى النتائج.

 تَذكَّرْ معي العشرة رجال البُرْص، قال لهم الرب يسوع أنْ يذهبوا إلى الكاهن حتى يراهم، هم كانوا يعيشون خارج المدينة؛ “حالة من النَبْذ”، يَذْكُّر الكتاب إنهم التقوا بالرب عند باب المدينة، وعندما يذهبون إلى الكاهن دون أن تختفي أعراضهم، ويراهم الناس سيُبلِّغون عنهم ويقولون إنهم نجسون ويبدأون برمي الطوب عليهم حيث إنه مُحرَّمٌ لمسهم!

 تَخيَّل معي أن الرب قال لهم: “ادخلوا المدينة إلى المكان الذي سَيُلقون عليكم القبض فيه!”، لأن الأعراض لم تختفِ بعد من أجسامهم،

ولكنهم رأوا أن هذا الكلام حقٌّ، فبدأوا يدخلون إلى حقيقة الشيء الذي لم يكن تَجسَّدَ في أعينهم، ولكنه تَجسَّدَ في أذهانهم أولًا.

 من الأعراف اليهودية أن يكتمل الإنسان في بطن أمه وله القدرة على الرؤية بروحه ونفسه، لكنها لا تكتمل في جسده، وبمجرد حدوث الحمل من اليوم الأول تتشكَّل النَفْس والروح في الإنسان. لديهم هذه المعرفة، يتناقلونها على مَرّ السنين من خلال موسى، فيكون لدى الطفل القدرة، فهو قادِرٌ على رؤية كل شيء بروحه.

 لذلك نجد أن الأطفال يشعرون بكل شيء، ويشعرون بكراهية الأب والأم ونبذهم له، إن كان طفلاً غير مرغوب فيه، مع أنه لم يسمع منهم شيئًا في جسده، ستجده دائمًا في خلاف مع الأب والأم حتى يكتشف ذلك بطريقة إلهية، يبقى مُدرِّكًا لحالة الضيق والحديث السلبي الذي يُقال عنه أو عن شخص آخر، لأنه يرى كل شيء بروحه. ولهذا تجدهم يقولون: لا فرق بين ما يراه بعينه بعد تسعة أشهر، لأن هذا أول ما ينشأ في الإنسان.

▪︎ عيون الروح والنفس والجسد والفرق بينهم:

 هناك عَيْنَانِ في الجسد، وفي النفس، وفي الروح، وقد سبق أن شرحت الفرق بينهم.

عَينا الروح: لا تستطيع الروح التَحكُّم فيما تراه أو لا تراه، إن أراد الله أن أرى ملائكة فسوف يُريني، هذا يعود إلى الرب، وما أراه لا يمكن تعديله، ما أراه سأقبله.

عَينا الجسد: يمكن للإنسان أن يتحكم فيما يراه، لكنه لا يستطيع أن يتحكم في تعديله، يمكنك اختيار ما تراه، ولكن لا يُمكِنك تغييره.

عَينا النفس: تتكوَّن النفس البشرية من خمس طبقات. أما بالنسبة لنا فهي تحتوي على الفِكْر والعاطفة والإرادة، وهي عبارة عن وظائف، ومع ذلك وفقًا للأعراف اليهودية، هناك خمس طبقات، ثلاث طبقات منها خارجية لإدراك ما هو حي وحياة لذلك يُطلَق عليهم “الحياة”.

 كما أنّ هناك اثنين آخرين هما أقرب إلى الروح الإنسانية، أعمق وأقرب هذه الطبقات هي نور. عندما تبدأ بالدخول من مستوى بعيد من التأمل إلى مستوى أعمق وأقرب، تقول: “لقد دخلت في الروح”. أنت لم تدخل في الروح بل أشعلت وظائف النفس البشرية. لكن إن سلكت دائمًا بالإيمان وعرفت أن روحك نشطة لأنك مولود من جديد، ستعرف كيف تتعامل مع عَيني النفس.

 الآن تخيّل معي في ذهنك ستارة حمراء والآن قم بتغييرها إلى اللون الأصفر، تستطيع فِعْل هذا، أليس كذلك؟ لذلك يُمكِنك التَحكُّم في ما تراه بعَيني النفس والتَحكُّم في تعديله. هناك وظيفة في عَيني النفس تختلف عن الجسد والروح: عَينا النفس هي الطريقة التي يبدأ بها الإنسان بالرؤية، الإنسان في الأساس رائي، خُلِقَ ليُدرِك.

 “٢٠ وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (١ يوحنا ٥: ٢٠).

 “وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ”؛ هذا يعني أن الروح القدس قد حَقَّقَ الهدف، وهو أن يتمكَّن الإنسان من الوصول إلى الحدّ الأقصى لأي شيء. “أن يعرف كيف يستوعب”، ولهذا السبب من الممكن أن تلتقط شيئًا في روحك لا يمكنك إثباته، كلما بدأت بالصلاة بالروح، وجدت نفسك في حالة من إعطاء المعلومات.

“١٥ لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. (يوحنا ١٥: ١٥).

 يُوضِّح هنا أن علاقة الرب بالتلاميذ هي علاقة مَعلومات، لأن هذا هو الأهم. إن أخذت المعلومات، فإنك تأخذ كل شيء أيضًا، والمعلومات الإلهية ليست عادية لأنها روح وحياة.

تخيّل معي أنك تتعامل مع الإيمان الذي لديك بعينيك الجسدية! أنت بذلك تُخرِّب إيمانك بالنفس والروح تمامًا، هذه الوظيفة ليست مُصمَّمة للجسد، فالجسد لا يعرف كيف يسلك بالإيمان.

“٧ لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِللهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ.” (رومية ٨: ٧).

 المسألة أكبر مِن إنك لا تريد أن تسلك بالإيمان وإنه أمرٌ اختياريٌّ، هذه عداوة لله! هي كذلك، لا تقوم بتخفيفها. أيضًا لا تنتظر أن يتكيَّف جسدك مع المعجزة أو أن يبدأ في استيعابها بعينيك الجسدية، لا يمكنه أن يفعل ذلك، لأن الجسد غير مُصمَّم لهذا. إن سألت؛ فلماذا وُهِبنا هذا الجسد إذًا؟! لأنه عندما تسير بنفسك المُجدَّدة بكلمة الله وبروحك، فإنك تبدأ في قيادة جسدك من خلال إيمانك وروحك.

 تخيَّل معي قطارًا بثلاث عربات، لا نعرف أين الجرار الآن. أحيانا نجده في جانب وأحيانا في الجانب الآخر، وجدنا الجرار وعلى الجانب الآخر وجدنا السيارة تحاول لعب دور الجرار، هناك شيء خاطئ! هذا بالضبط ما يحدث للإنسان عندما لا يسلك بالإيمان، ويبدأ في الدخول في مرحلة الاعتياد على الحزن ولا يعرف سبب ذلك لأن هناك خطأ ما، لقد صُمِّمَتْ روحك الإنسانية لتكون جرار القطار.

 نجد أن جسدك أصبح هو الجرار! مثلاً: سمعت أخبارًا مُعيَّنة وستستمر الأخبار وستزداد سوءًا في العالم، هذا ما تنبأ به الكتاب منذ سنوات، ولكن عندما ننظر إلى الموقف، كيف تسمع أنت؟ ما الذي يقع في معلوماتك وفي قلبك! ما تراه هو ما ستصبح عليه.

 لذلك فإن الإيمان أمرٌ حتميٌّ، وإلّا فإنك تسير في عداوة دائمة لله وأنت لا تدري. احذر! من الممكن أن تكون مُلتزِمًا في الصلاة ودراسة الكلمة لكنك لا تضع إيمانك في مواقف مُعيَّنة أو أثناء سَفَّرك مثلاً. إن كنت لا تسلك بالإيمان، فهناك شيءٌ يُفسِّد ما تدرسه. إن قلت إنه من الصعب أن أضع إيماني في جميع المواقف، فقد يبدو للوهلة الأولى إنه صعبٌ، لكن هذا هو أسلوب حياة وبمقدورك فِعْلها.

“١٦ لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ. ١٧ لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإِيمَانٍ، لإِيمَانٍ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا».” (رومية ١: ١٦، ١٧).

 لقد وضع الله كامل قدرته في الخلاص، إن كنت تريد أن ترى قوة الله مُعلَّنة، فلا تَنظُر بعيدًا عَمَّا فعله يسوع في الخلاص، عندما تقبله ستصير هذه القوة فيك.

 «أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا»: البار بالإيمان، فبالإيمان يحيا، إذًا نحن نقبل يسوع بالإيمان ونكمل حياة فيه بالإيمان. تحرَّكْ في مواقف حياتك البسيطة والصعبة بالإيمان وليست بحالة من التباطؤ، لأن كل شيء يتمّ بطريقة إلهية. ربما يكون الأمر الذي تُمارِس إيمانك لأجله لم يكتمل بعد، هذا لا يعني أن إيمانك لا يعمل!

 تحتاج في بعض الأحيان إلى جمع المعلومات أولًا، وأحيانًا يكون هناك مقاومات أيضًا. إن كنت ترى أن لديك كل شيء ولم يكتمل الأمر بعد، افحص الأمر، لا تقف ضدّ نفسك، دعّْ الروح القدس يتحدَّث إليك ويُخبرِك ما هو الحلّ في هذا الموقف. تحتاج في وقت أن تشحن صلاة من أجل حياتك، ولذلك فإن حياة الصلاة ليست لعبة، هي رأس الحربة الذي تتقدمك، لكي تجد أمامك أرضًا مُمهَّدة.

 يعرف الإنسان كيف يحيا بالإيمان، ابدأ من اليوم برؤية هذا. أنت تحيا بالإيمان، وتنام بالإيمان، وتستيقظ بالإيمان، وتتعامل مع مواقف الحياة المعتادة، لا تتعامل مع هذه الأمور باعتيادية، ضعْ إيمانك في كل موقف وتعامل معه بوعي، يجب أن تتحرَّك بالحقيقة وليس بالعيان.

▪︎ حياة الإيمان:

 الإيمان هو أن ترى الأمر وتتعامل معه بحقيقة في داخلك، وهذه الحقيقة مبنية على الكلمة، وتتحرَّك بها بناءً على الكلمة: “٥ فَقَالَ الرُّسُلُ لِلرَّبِّ: «زِدْ إِيمَانَنَا!». ٦ فَقَالَ الرَّبُّ: «لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذِهِ الْجُمَّيْزَةِ: انْقَلِعِي وَانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ فَتُطِيعُكُمْ.” (لوقا ١٧: ٥، ٦).

 تخيَّل معي الموقف، أن التلاميذ يقولون لله: “زِدْ إيماننا”، اليوم يوجد أشخاص يُصلّون هذه الكلمات نفسها.

 “لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل”؛ يرتبط الأمر بالإنسان وليس بالرب. عندما طلب الرُسل من الرب أن يُعلِّمهم كيفية الصلاة، استجاب لهم وبدأ يُعلِّمهم، ولكن في الإيمان، قال لهم: “إن كان لكم إيمان”، فهذا يعني أن الأمر يتعلَّق بك أنت.

فَتُطِيعُكُمْ: لم يقل هنا إنها تطيع الرب، بل يقول إنها تطيعك أنت.

▪︎ مَن هو المُنفِّذ في الإيمان؟

 الله والإنسان، ليس الله فقط، أو الإنسان فقط، وهنا يقف كثيرون، وكأن الإنسان يُلقِي عبئًا على الرب، اختلط الأمر لدي بعض الناس مُعتقِدين أن الإيمان يعني “إلقاء الهم على الرب”، يعتقد الإنسان إنه هكذا وضع الأمر على الله، ولذلك وضع إيمانه. لا، أنت ترى الأمر بروحك وتضع سلطانك الروحي، وتفرض القوة بداخلك على الموقف، وهنا يَحدُّث التغيير.

 إن تركت الأمر للرب فأنت قد قمت بنصف العملية، واختلط لديك بين القلق وأن تُلقِي همك على الرب وبين الإيمان وأنك أنت الذي يجب أن تطيع الشيء وتفرض إيمانك عليه، في تلك اللحظة التي تبدأ فيها أن تتمرَّس على هذا، ستجد أن الأمر بين يديك.

 يعتقد بعض الناس أن هذا يُشكِّل عبئًا عليهم ولا يعرفون كيفية القيام بذلك، عليك أن تتعلَّم وليس أن تنسحب، وتَذُّكرْ دائمًا أنك إن لم تسلك بالإيمان، فهذه عداوة لله. أيضًا إن تحرَّكتْ بصورة جسدية في الإيمان، ستكون مثل المُحرِّك الذي لا زيت له فلا يعمل. سيكون الأمر به عناء عندما تفعل دون فهم كتابي فستجد صعوبة، وإن قررت الانسحاب، فأنت بذلك تسير بعداوة لله! أنت مُقيَّد بحقيقة أنه يجب عليك أن تسلك بالإيمان، بدأت حياتك به وستكملها من خلاله. الأمر ليس اختياريًا، ولكنه ليس صبعًا.

 اتّجاه قلبك سيَأخُذك إلى منطقة أبعد حيث لن يتمّ اختطافك، وهذا له علاقة بالإيمان. إن كنت من الأشخاص الذين يضعون الإيمان طوعًا أو في وقت الأزمات، فتَذكَّرْ أن الله نفسه يتحرك بالإيمان، ليس لأنه يمارس إيمانه، بل هو أسلوب حياة، إنه يرى الشيء بروحه، ويُطبِّقه، ويُفرِّضه على الواقع.

 الإيمان هو فَرْض السُلطة إلى مرحلة الإطاعة والتشكيل، أتحدثُ هنا عن السلطان الروحي، هذا يجعلك تفهم السلطان. عندما تجدّ موقفًا حدث فيه شيءٌ ما، ضعّْ إيمانك فيه وقُمْ بتغييره، إنها حالة إخراج القوة من روحك تجاه الموقف.

 ماذا لو لم تَتَشكَّل في روحك؟ هذا أمر آخر، وكأنك تسمع عن موضوع الإيمان، وتراه شيئًا خياليًا ومُعقَّدًا، لا، الروح القدس يريدك أن تفهم الإيمان بشكل صحيح وأن تفرض ما تراه في روحك على الموقف، هذه هي فكرة الإيمان، لكن يجب أن تستوعب هذا المشهد في روحك، الوصول إلى هذه المرحلة من الجرأة والتَعامُّل مع الأمر بسلاسة وليس بتعب، علاج ذلك هو التَأمُّل. عليك أن تفهم سلطان روحك، وفَرْض روحك على الموقف.

 تَذَكَّرْ معي أن نفس الإنسان وروحه تتشكَّل في الرحم أما الجسم فيستغرق وقتًا ليتشكَّل، لأنه مُصمَّمٌ أن يَتبَع وليس للقيادة. عندما تسير الأمور بهذه الطريقة الصحيحة، تصبح الأمور مُريحة. لذلك عندما يموت الإنسان تظلّ روحه ونفسه، فلا يوجد أي رابط يَربُطنا بالجسد والحواس الخمس، فنحن أصبحنا خليقة جديدة، وهي أن أرواحنا أصبحت تعمل.

“إِذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي.” (رومية ٧: ٢١). يَتحدَّث هنا عن الحقبة التي تسبق قبولك ليسوع، وجدت الشر حاضرًا بالنسبة لي، لم أكن أعرف ما كان يحدث، كنت شخصًا جسديًّا، حسيًّا، كنت أسير بحواسي الخمس…. هذا ما يريد بولس قوله هنا. إذًا هذا الكلام لا ينطبق عليك الآن كمولود من الله.

 “١٢ فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. ١٣ لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.” (رومية ٨: ١٢، ١٣). المقصود هنا أننا لسنا مُجبَّرين على العيش بالجسد، ليس علينا إلزامٌ بفِعْل ذلك، لقد كسر الرب قيود تلك السِلْسِّلة، مجدًا لاسمه، يُمكِنك الآن التَحكُّم بروحك في جسدك.

 “لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُون”، إذًا للسلوك بالجسد عواقب وخيمة. الموت هنا لا يعني الكفن بل يُقصَّد به الانتهاء، حالة من الملل والارتباك تصل إلى مرحلة الموت.

 تَذكَّرْ طبقات النفس الخمس. النور في داخلك، يوجد طبقتان فقط في العمق، والحياة مُرتبِطة بالثلاث الأخرى، أي إن الحياة مُرتبِطة باستنارتك، وإنْ سرت بروحك في الطريق الصحيح، يخَرُّج النور من داخلك إلى الحياة، لأن القوة موجودة في روحك، فمعجزتك تعتمد على إخراج هذه القوة من روحك، وليس أن يُرسِل الله قوة من السماء.

 “إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ”؛ إن كنت شخصًا يُعاني من الأرق، فبإمكانك أن تُميت هذا الأرق بروحك، وذلك بإخراج القوة وإدراك أن لك سلطانًا وأن الأمر في يديك وليس في يدّ إبليس. أنت صانع المعجزة، لا تنتظر أن يفعل الله شيئًا. “أنت الفاعل” لم يقل هنا “الله هو الذي يميت”، عندما تدرك هذا، تظهر الحياة. يمكن لأي شخص يسلك بالروح أن يمارس إيمانه إلى حدٍّ ما، ولكن هناك مستوى قويًّا يمكنك من خلاله إنجاز الأمر.

بحسب القوة التي تعمل فينا:

“١٩ وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. ٢٠ وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا.” (أفسس ٣: ١٩، ٢٠).

 القادر على أن يفعل أكثر مِمَّا تتخيّل، لكن هذا مُرتبِطٌ بالقوة التي تعمل بداخلك، بقدر ما تسمح لهذه القوة أن تعمل في داخلك، فإن الرب يَخلِّق أشياءً خارجية أكثر مِمَّا تطلب أو تُفكِّر، هذا بناء على تَقبُّلك للتعديل في شخصيتك حسب الكلمة، فتتشكَّل وتتغيَّر إلى تلك الصورة عيْنِهَا.

 هل تنظر للناس بمقدارٍ قليلٍ أم الانفعال تجاههم يعيق إيمانك؟ نعم، يعمل الروح القدس على القوة التي لديك، ويعمل على ذهنك وقلبك، ويقول لك أين تكمن المشكلة إن حدث هذا. يبدأ بالتَحدُّث معك، ويعمل فيك نتيجةً للرعاية الروحية والتعليم الكتابي، يبدأ شيء من تشكيل الشخصية بالحدوث، وتجد إيمانك يعمل، وفقًا لِمّا تسمح له بالعمل فيك.

 لديك الحق الكتابي، ولديك الروح القدس، لكن هل تسمح له بتشكيل شخصيتك؟ هل انتقلت من مرحلة الشعور بالملل إلى مرحلة عدم الملل؟ من الانفعال إلى حقيقة أنك تعرف جيدًا كيفية التَحكُّم في ذهنك، ومن الشهوة إلى حقيقة أنك تعرف كيفية السيطرة على جسدك، كل هذا يتوقَّف على القوة التي سمحت لها بالعمل فيك.

 الحل ليس أن تقول للرب: “قُمْ بتغييري”، لا يحتاج الرب لِمثل هذه الصلوات، فهو العامل فيك، هذه أشياء حدثت فيك بالفعل، لكن هل أنت مُستجيبٌ أم لا؟!

 هناك صلوات هي عبارة عن “هروب”، أي أن تقول “أنا أصلي”، لتُبرِّر لنفسك أنك تفعل شيئًا، لكنك لم تَقُم بأي خطوة مع تشكيل الروح القدس لتصحيحك. تُظهِّر وجهًا مُختلِفًا عند التصحيح، سواء أنكرت أو أهملت أو عرفت ولم تُطبِّق، من الممكن أن تقول: “أريد”، لكنك لم تضع الأمر مَوضع التنفيذ. هو قادرٌ أن يفعل أكثر مما تعتقد أو تحلم به، بمقدار القوة التي تمتلكها.

 يرتبط إيمانك بالنَفْس والروح، ليتغيَّر إلى تلك الصورة عيْنِهَا، الجسد مثل شاشة الكمبيوتر التي تُظِهر ما بداخلها، إذًا هو في حدّ ذاته ليس عليه خطأ، ليس هو المشكلة، كان للرب يسوع جسدٌ لكنه عَرَفَ كيف يتحكَّم فيه، إدارة الجسد تأتي من إدارة روحك لنفسك، ومِن ثَمَّ تقدر النَفْس على إدارة الجسد.

“٢٣ وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، ٢٤ وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ. ٢٥ لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ.” (أفسس ٤: ٢٣-٢٥).

وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ” أي دعْ روحك تُجدِّد ذهنك.

 ممنوع التفكير تجاه الآخرين بشكل سلبي، هذه هي الطريقة التي تضع بها حاجِزًا أمام الروح القدس ليعمل على شخصيتك. أعطِ للكلمة سلطانًا على حياتك عبر عدم التفكير في الآخرين بشكل سلبي، أو الدمدمة، أو أن تكون في حالة مِن التخمين، أي تري الآخر وتُحلِّله. إن كان هذا هو نهج حياتك، اطرحه عنك سريعًا واَخْضعْ للروح القدس.

 توقَّفْ عن الدمدمة ومحاولة معرفة أخبار الآخرين، حينئذ يبدأ الروح القدس بالعمل في شخصيتك، وتبدأ في ممارسة إيمانك بقوة. في هذه اللحظة، تُسيطِر روحك على هذه التصرُّفات، وتبدأ في إطلاق روحك تجاه الأمر.

إن كنت في مرحلة تقترب فيها من امتحان، أو وظيفة، أو مقابلة، أو أي شيء آخر، فإن الصورة التي تضع فيها قوة الله على الموقف هي بين يديك.

“١٣ لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.” (رومية ٨: ١٣).

 أنت الذي تُسيطِر على أعمالك ويَقصِد هنا الصفقات غير الشرعية، أي شيء يريد العالم أن يَنقله إليك. يريد العالم أن يعطيك من العناء الذي يَمُرّ به، لكن كلمة الله يمكن أن تأخذك إلى منطقة مختلفة، بشرط أن تأخذ الكلمة بالتأمُّل الكافي. التَأمُّل هو الطريقة، هو الصورة التي تلتقطها لكي تقتنع بها حتى تصل إلى حقيقة واقعية في ذهنك، أكثر من الواقع. في البداية ربما سيكون منسوب العيان أعلى من منسوب الاقتناع الداخلي بالكلمة. تأمَّلْ كثيرًا حتى ترفع منسوب روحك، وتصل إلى النقطة التي تكون فيها هذه الحقيقة أعلى صوتًا.

 هذا ما يعاني منه بعض الأشخاص: ارتفاع صوت الأفكار، لأنك لا تتأمَّل، ولعدة أسباب أخرى: اعتقادك أن هذه الأفكار ليس لك سيطرة عليها، وأنها يجب أن تمتنع عن الإتيان إلى ذهنك، دعّْ الأفكار موجودة. على سبيل المثال؛ تعرف الطائرة كيف تكتسب سرعتها عن طريق كَسر الجاذبية، بينما تزال الجاذبية موجودة، فإذا خَفَّضَتْ سرعتها، ستجد أن التحليق انخفض، هكذا يجب أن تتمتع روحك الإنسانية بحالة من الاستمرارية.

 الصلاة بالروح والتأمُّل: هما المُفتاحان في هذه السلسلة. أنت تصلي بالروح وترى في روحك، فأنت لا تحاول صُنْع المعجزة بل ترى الأمر وتبدأ في تطبيقه على الموقف.

“١ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. ٢ بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. ٣ فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، ٤ لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. ٥ مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟” (١ يوحنا ٥: ١-٥)

 “تَغْلِبُ الْعَالَمَ” نحن في حالة حرب، ليس لأننا في عداوة مع أشخاص، بل مع النظام الذي يُحْدِثه إبليس؛ فهو يُمرِّض الناس، ويفقرهم، ويُفشِّلهم، هذا هو نظام العالم.

 كيف نتغلب على هذا العالم؟ بإيماننا، الشخص الذي يؤمن ويسير باستمرار يرى صورة واحدة، وهي أن يسوع تَجسَّدَ وسار على الأرض مُنتصِرًا، أنت أيضًا يُمكِنك أن تعيش في انتصارات مِثله، الطاقة والقوة موجودة في داخلك! مجدًا للرب.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$
Hide picture